نام کتاب : مدافع الفقهاء ، التطرف بين فقهاء السلف وفقهاء الخلف نویسنده : صالح الورداني جلد : 1 صفحه : 25
إن المأمون هو الحاكم الوحيد في تاريخ المسلمين الذي حاز على غضب الفقهاء ونقمتهم ليس لأسباب دينية أو سياسية ولكن لأسباب مذهبية . حيث أنه خالف نهجهم ومال لأصحاب العقل والرأي مما هدد نفوذ الفقهاء وأفكارهم ومعتقداتهم التي فرضوها على الأمة بدعم من الحكام السابقين بالزوال . . يروي المؤرخون أنه لما جاء المتوكل أعلن سنة ( 234 ه ) إبطال القول بخلق القرآن ، وأظهر الميل للمحدثين ووقف بجانبهم واستقدمهم إلى سامراء وأجزل عطاياهم وأكرمهم وأمرهم بأن يحدثوا بأحاديث الصفات وأحاديث رؤية الله . . وجلس أبو بكر بن أبي شيبة في جامع الرصافة فاجتمع إليه نحو من ثلاثين ألف نفس وجلس أخوه في جامع المنصور فاجتمع إليه مثل هذا العدد ، وكثر الدعاء للمتوكل وبالغ الفقهاء في الثناء عليه والتعظيم له واغتفروا له سوء فعاله . . [66] ويبدو لنا من خلال هذا أن فقهاء أهل السنة قد أخذوا الدفعة الكبرى التي أتاحت لهم الشيوع والانتشار والسيادة على الآخرين بالإضافة إلى نشر رواياتهم من المتوكل العباسي . وأنه لولا هذه الدفعة لكان فقهاء أهل السنة ورواياتهم في ذمة التاريخ . . يروي السيوطي عن أحمد بن حنبل قوله : سهرت ثم نمت فرأيت في نومي كأن رجلا يعرج إلى السماء وقائلا يقول : ملك يقاد إلى مليك عادل * متفضل في العفو ليس بجائر ثم أصبحنا فجاء نعي المتوكل من سر من رأى ( سامراء ) إلى بغداد . . [67] وروى أيضا عن عمرو بن شيبان قال : رأيت في الليلة التي قتل فيها المتوكل في المنام قائلا يقول :
[66] أنظر كتب التاريخ فترة عصر المتوكل . وانظر تاريخ الخلفاء للسيوطي . . ويروي السيوطي في تاريخ الخلفاء قول أحد الفقهاء : الخلفاء ثلاثة : أبو بكر في قتل أهل الردة ، وعمر بن عبد العزيز في رد المظالم ، والمتوكل في إحياء السنة وإماتة التجهم . ويقصد بالتجهم تيار الجهمية المنسوب إلى الجهة بن صفوان الذي قتله ابن الأحوز عام ( 121 ه ) وهو تيار يتبنى المجاز والتأويل فيما يتعلق بصفات الله سبحانه وهي نفس رؤية الشيعة والمعتزلة وفقهاء الحنابلة يطلقون على كل من يتبنى المجاز جهمي . انظر الرد على الجهمية والزنادقة لابن حنبل [67] تاريخ الخلفاء للسيوطي . وقد مات ابن حنبل في أيام المتوكل سنة ( 241 ه ) . .
25
نام کتاب : مدافع الفقهاء ، التطرف بين فقهاء السلف وفقهاء الخلف نویسنده : صالح الورداني جلد : 1 صفحه : 25