ونحن نقول : لا والله ما وقى الله شرها ، بل ما زال شررها يلتهب ، وضررها مستمر إلى الأبد ، كأختها الشورى لأنها منبثقة عنها . دور عمر ثم جاء دور عمر ، وذلك لما نزل بأبي بكر المرض ، وظهرت عليه إمارات الموت تفتحت نفسه ، ثم لما احتضر أبو بكر ، قال للكتاب : أكتب ، هذا ما عهد عبد الله بن عثمان [1] آخر عهده بالدنيا ، وأول عهده بالآخرة في الساعة التي يبر فيها الفاجر ، ويسلم فيها الكافر . ثم أغمي عليه ، فكتب الكاتب : ( عمر بن الخطاب ) ، ثم أفاق أبو بكر ، فقال : أقرأ ما كتبت . فقرأ ، وذكر اسم عمر ، فقال : أنى لك هذا ؟ [ قال : ] ما كنت لتعدوه . فقال : أصبت ، ثم : قال : تم كتابك . قال : ما أكتب ؟ قال : أكتب : وذلك حيث أجال رأيه ، وأعمل فكره ، فرأى أن هذا الأمر لا يصلح [ به ] آخره إلا بما يصلح أوله ، ولا يحتمله إلا أفضل العرب مقدرة ، وأملكهم لنفسه ، وأشدهم في حال الشدة ، وأسلسهم في حال اللين ، وأعلمهم برأي ذوي الرأي ، لا يتشاغل بما لا يعينه ، ولا يحزن لما ينزل به ، ولا يستحي من التعلم ، و [ لا ] يتحير عند البديهة ،