ليلة ، وقد أرخى الليل سدوله ، وغارت نجومه ، وقد مثل في محرابه قابضا " على لحيته يتململ تململ السليم ، ويبكي بكاء الحزين ، وكأني أسمعه وهو يقول : ( يا دنيا غري غيري ، ألي تعرضت ، أم إلي تشوقت ؟ ! هيهات قد أبنتك ثلاثا " لا رجعة لي منك ، فعمرك قصير وعيشك حقير ، وخطرك كبير ، آه من قلة الزاد ، وبعد السفر ، ووحشة الطريق ) . قال : فذرفت دموع معاوية على لحيته ، فلم يملك ردها ، وهو ينشفها بكمه ، وقد اختنق القوم بالبكاء . ثم قال معاوية : رحم الله أبا الحسن ، فقد كان - والله - كذلك - ، فكيف حزنك عليه يا ضرار ؟ فقال : حزن من ذبح ولدها في حجرها ، فلا ترق عبرتها ، ولا يسكن حزنها [1] . 8 - شهادة عمرو بن العاص ذكر أصحاب السير والتواريخ والمناقب ، منهم : الخوارزمي الحنفي في مناقبه : أن معاوية كتب إلى عمرو بن العاص كتابا " حتى أراد
[1] رواه ابن الصباغ في الفصول المهمة : 111 ، والقالي في الأمالي : 2 / 143 ، وأبو نعيم في حلية الأولياء : 1 / 84 ، والقيرواني في زهر الآداب : 1 / 43 ، والزمخشري في ربيع الأبرار : 15 ( مخطوط ) وابن الجوزي في صفة الصفوة : 1 / 121 ، والشافعي في مطالب السؤول : 33 ، وابن أبي الحديد في شرح النهج : 4 / 276 عنها إحقاق الحق : 4 / 425 - 432 ، وأخرجه في ج 8 / 272 - 274 و ص 598 - 600 و ج 15 / 638 - 644 عن مصادر أخرى كثيرة .