وهذا أسهل بكثير للتمويه على الأمة التي تربت على تقديس واحترام الصحابة ( أي صحابي كان ولو شاهد النبي مرة واحدة ) وأنى لنا أن نقنعهم بأن تلك الروايات ليست خرافات شيعية وإنما هي من أحاديث الأئمة الاثني عشر الذين نص رسول الله على إمامتهم ، الذين نجحت الحكومات الإسلامية في القرن الأول في غرس حب واحترام الصحابة مقابل التنفير من علي وبنيه ، حتى لعنتهم على المنابر وتتبعت شيعتهم بالقتل والتشريد ، فنشأ من ذلك بغض وكراهية لكل الشيعة ، لما روجته وسائل الأعلام في عهد معاوية من إشاعات وخزعبلات وعقائد فاسدة ضد الشيعة ، وهم ( الحزب المعارض ) كما يسمى عندنا اليوم لعزلهم والقضاء عليهم . ولذلك نجد حتى الكتاب والمؤرخين في تلك العصور يسمونهم الروافض ويكفرونهم ويستبيحون دماءهم تزلفا للحكام ، ولما انقرضت الدولة الأموية وخلفتها الدولة العباسية نسج بعض المؤرخين على منوالهم وعرف البعض حقيقة أهل البيت [1] فحاول التوفيق والإنصاف فألحق عليا بالخلفاء الراشدين ولكن لم يجرأوا على التصريح بأحقيته ، ولذلك تراهم لا يخرجون في صحاحهم إلا النزر اليسير من فضائل علي والتي لا تتعارض مع خلافة الذين سبقوه ، والبعض منهم وضع كثيرا من الأحاديث في فضل أبي بكر وعمر وعثمان على لسان علي نفسه ، حتى يقطع بذلك ( على زعمه ) الطريق على الشيعة الذين يقولون بأفضليته . واكتشفت خلال البحث بأن شهرة الرجال وعظمتهم إنما كانت تقدر ببغضهم لعلي بن أبي طالب ، فالأمويون والعباسيون كانوا يقربون ويعظمون كل من حارب الإمام علي أو وقف ضده بالسيف أو باللسان ، فتراهم يرفعون بعض الصحابة ويضعون آخرين ، ويغدقون الأموال على بعض الشعراء ويقتلون آخرين ، ولعل عائشة أم المؤمنين لم تكن لتحضى بتلك المنزلة عندهم لولا
[1] ذلك لأن الأئمة من أهل البيت فوضوا أنفسهم بأخلاقهم وعلومهم التي ملأت الخافقين وبزهدهم وتقواهم والكرامات التي حباهم الله بها .