الرسالة فهي لا تبعد عن عقيدة أبيه وقد رضعها من حليب أمه آكلة الأكباد والمشهورة بالعهر والفجور [1] كما ورثها عن أبيه شيخ المنافقين الذي ما عرف الإسلام يوما إلى قلبه سبيلا . وكما عرفنا نفسية الأب فها هو الابن يعبر بنفس التعبير ولكن على طريقته في الدهاء والنفاق . فقد روى الزبير بن بكار عن مطوف بن المغيرة بن شعبة الثقفي قال : دخلت مع أبي على معاوية ، فكان أبي يأتيه يتحدث عنده ثم ينصرف إلي فيذكر معاوية وعقله ويعجب مما يرى منه . إذ جاء ذات ليلة فأمسك عن العشاء فرأيته مغتما فانتظرته ساعة وظننت أنه لشئ حدث فينا أو في عملنا فقلت له : ما لي أراك مغتما منذ الليلة ؟ قال : يا بني إني جئت من عند أخبث الناس ، قلت له : وما ذاك ، قال : قلت لمعاوية وقد خلوت به : إنك قد بلغت مناك يا أمير المؤمنين ، فلو أظهرت عدلا ، وبسطت خيرا ، فإنك قد كبرت ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم فوصلت أرحامهم فوالله ما عندهم اليوم شئ تخافه . وإن ذلك مما يبقى لك ذكره وثوابه . فقال لي : هيهات هيهات ! أي ذكر أرجو بقاءه ! ملك أخو تيم فعدل وفعل ما فعل ، فما غدا أن هلك فهلك ذكره إلا أن يقول قائل : أبو بكر : ثم ملك أخو عدي فاجتهد وشمر عشر سنين ، فوالله ما غدا أن هلك فهلك ذكره إلا أن يقول قائل : عمر ، ثم ملك أخونا عثمان فملك رجل لم يكن أحد في مثل نسبه فعمل ما عمل وعمل به فوالله ما غدا أن هلك فهلك ذكره وذكر ما فعل به ، وإن أخا هاشم يصرخ به في كل يوم خمس مرات : أشهد أن محمدا رسول الله : فأي عمل وأي ذكر يبقى مع
[1] الزمخشري في ربيع الأبرار ج 2 باب القرابات والأنساب . شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 1 / 111 .