فيفتون برأيهم فيضلون ويضلون ( 1 ) . كما أخرج البخاري في صحيحه من نفس الكتاب في الباب الذي يليه ما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسئل مما لم ينزل عليه الوحي فيقول : لا أدري ، أو لم يجب حتى ينزل عليه الوحي ولم يقل برأي ولا قياس لقوله تعالى : بما أراك الله ( 2 ) . وقد قال العلماء قديما وحديثا قولا واحدا : أنه من قال في كتاب الله برأيه فقد كفر - وهذا بديهي من خلال الآيات المحكمات ومن خلال أقوال وأفعال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم . فكيف تنسى هذه القاعدة إذا ما تعلق الأمر بعمر بن الخطاب أو بأحد الصحابة أو أحد أئمة المذاهب الأربعة ، فيصبح القول بالرأي في معارضة أحكام الله اجتهادا يؤجر عليه صاحبه أجرا واحدا إن أخطأ وأجران إن أصاب . ولقائل أن يقول : إن هذا ما اتفقت عليه الأمة الإسلامية قاطبة سنة وشيعة للحديث النبوي الشريف الوارد عندهم . أقول : هذا صحيح ولكن اختلفوا في موضوع الاجتهاد ، فالشيعة يوجبون الاجتهاد في ما لم يرد بشأنه حكم من الله أو من رسوله صلى الله عليه وآله وسلم . أما أهل السنة فلا يتقيدون بهذا ، واقتداء بالخلفاء والسلف الصالح عندهم لا يرون بأسا في الاجتهاد مقابل النصوص ، وقد أورد العلامة السيد شرف الدين الموسوي في كتابه النص والاجتهاد أكثر من مائة مورد خالف فيه الصحابة وعلى رأسهم الخلفاء الثلاثة ، النصوص الصريحة من القرآن والسنة ، فعلى الباحثين مطالعة ذلك الكتاب .
1 ) صحيح البخاري : 8 / 148 . ( 2 ) المصدر السابق .