* وهذا أمر آخر لرسول الله صلى الله عليه وآله يقابله الصحابة بالرفض والعصيان وبانتقاص النبي صلى الله عليه وآله وسلم . مع الملاحظة بأن عمر بن الخطاب قال بحضرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما طلب منهم إحضار الكتف والدواة ليكتب لهم الكتاب الذي يمنعهم من الضلالة قال : إن رسول الله يهجر بمعنى يهذي - والعياذ بالله - . ولكن البخاري هذب تلك العبارة وأبدلها بغلبه الوجع لأن قائلها عمر بن الخطاب . وتراه إذا أهمل اسم عمر في الرواية قال : فقالوا هجر رسول الله وهذه أمانة البخاري في نقل الحديث ( وسوف نعقد له بابا خاصا ) . وعلى كل حال فإن أكثر المحدثين والمؤرخين ذكروا بأن عمر بن الخطاب قال : إن رسول الله يهجر ، وتبعه كثير من الصحابة فقالوا مقالته بحضرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم - ولنا أن نتصور ذلك الموقف الرهيب وتلك الأصوات المرتفعة وكثرة اللغط والاختلاف بحضرته صلى الله عليه وآله وسلم ، ومهما تكن الرواية معبرة فلا تعبر في الواقع إلا قليلا عن المشهد الحقيقي ، كما إذا قرأنا كتابا تاريخيا يحكي حياة موسى عليه السلام فمهما يكن الكتاب معبرا فلا يبلغ تعبير الفيلم السينمائي الذي نشاهده عيانا . وأخرج البخاري في صحيحه من جزئه السابع في باب ما يجوز من الغضب والشدة لأمر الله عز وجل من كتاب الأدب . قال : احتجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حجيرة مخصفة أو حصيرا فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي إليها ، فتبعه رجال وجاؤوا يصلون بصلاته ثم جاؤوا ليلة فحضروا وأبطأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عنهم فلم يخرج إليهم فرفعوا أصواتهم وحصبوا الباب ، فخرج إليهم مغضبا فقال لهم : ما زال بكم صنعكم حتى ظننت أنه سيكتب