وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبو دجانة يحمي ظهره وطلحة والزبير وقيل سهل بن حنيف . ومن هذه المواقف نفهم قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لا أرى يخلص منهم إلا مثل همل النعم ( سيأتي البحث في هذا الحديث ) . وإذا كان الله سبحانه وتعالى قد توعدهم بالنار إذا فروا من الحرب فقال : يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ، ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة ، فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير [ الأنفال : 16 ] . فما هي قيمة هؤلاء الصحابة الذين يفرون من الصلاة من أجل اللهو والتجارة ، ويفرون من الجهاد خوفا من الموت تاركين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحده بين الأعداء . وفي كلتا الحالتين ينفضوا ويولوا الأدبار بأجمعهم ولا يبق معه صلى الله عليه وآله وسلم غير اثني عشر رجلا على أكثر التقديرات . فأين الصحابة يا أولي الألباب ؟ ؟ ولعل بعض الباحثين عندما يقرؤون مثل هذه الأحداث والروايات يستصغرون شأنها ويظنون بأنها حادثة عرضية عفى الله عنها ، ولم يعد الصحابة إلى مثلها بعد ذلك . كلا ، فإن القرآن الكريم يوقفنا على حقائق مذهلة ، فقد سجل الله سبحانه فرارهم يوم غزوة أحد [1] بقوله : ولقد صدقكم الله وعده ، إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون ، منكم من يريد الدنيا ومنكم
[1] تفسير التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور : 4 / 126 . تفسير الطبري أيضا . وكذلك صحيح البخاري : 5 / 29 باب غزوة أحد .