نام کتاب : فاسألوا أهل الذكر ( مركز الأبحاث ) نویسنده : الدكتور محمد التيجاني جلد : 1 صفحه : 77
فإنا لله وإنا إليه راجعون . ولو أنّ الله لم يقصف عمره لتمكّن ذلك الوغد اللئيم من القضاء على الإسلام والمسلمين . والذي يهمّنا في هذا البحث هو الكشف عن عقيدته هو الآخر ، كما كشفنا عن عقيدة أبيه وجدّه . فقد حدّث المؤرخون أنّه بعد وقعة الحرّة المشؤومة ، وقتل عشرة آلاف من خيرة المسلمين سوى النساء والصبيان ، وأفتضّ فيها نحو ألف بكر ، وحبلتْ ألف امرأة في تلك الأيام من غير زوج ، ثمّ بايع من بقيَ من النّاس على أنّهم عبيد ليزيد ومن امتنع قتل ، ولمّا بلغ يزيد خبر تلك الجرائم والمآسي التي يندى لها الجبين ، ولم يشهد لها التاريخ مثيلا حتى عند المغول والتتار وحتى عند الإسرائيليين فرح بذلك وأظهر الشماتة بنبىّ الإسلام ، وتمثّل بقول ابن الزبعّرى الّذي أنشده بعد موقعة أحد قائلا : < شعر > ليتَ أشياخي ببدر شهدوا * جزع الخزرج من وقع الأسلْ لأهلّوا واستهلّوا فرحاً * ثمّ قالوا : يا يزيد لا تشلْ قد قتلنا القرم من ساداتهم * وعدلنا ميل بدر فاعتدلْ لست من خندف إن لم أنتقم * من بني أحمد ما كان فعلْ لعبت هاشم بالملك فلا * خبرٌ جاء ولا وحىٌ نزلْ ( 1 ) < / شعر >
1 - أنظر : تاريخ الطبري 8 : 187 ، الأخبار الطوال للدينوري : 267 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 15 : 178 ، وقال ابن كثير في البداية 8 : 155 : " ثم أباح مسلم بن عقبة الذي يقول فيه السلف مسرف بن عقبة - قبّحه الله من شيخ سوء ما أجهله - المدينة ثلاثة أيام كما أمره يزيد - لا جزاه الله خيراً - ، وقتل خلقاً من أشرافها وقرّائها ، وانتهب أموالا كثيرة منها ، ووقع شرّ عظيم وفساد عريض . . . ووقعوا على النساء ، حتى قيل : إنّه حبلت ألف امرأة في تلك الأيام من غير زوج " . وقال ابن حجر العسقلاني في الإصابة 6 : 232 رقم 8434 : " مسلم بن عقبة بن أسعد . . المري أبو عقبة ، الأمير من قبل يزيد بن معاوية على الجيش الذين غزوا المدينة يوم الحرة ، ذكره ابن عساكر وقال : أدرك النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وشهد صفين مع معاوية . . وقد أفحش مسلم القول والفعل بأهل المدينة ، وأسرف في قتل الكبير والصغير حتى سمّوه مسرفاً ، وأباح المدينة ثلاثة أيام لذلك العسكر ، ينهبون ويقتلون ويفجرون ، ثمّ رفع القتل وبايع من بقي على أنهم عبيد ليزيد بن معاوية ، وتوجّه بالعسكر إلى مكة ليحارب ابن الزبير لتخلّفه " . وقال النووي في شرحه لحديث النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( ولا يريد أحدٌ أهل المدينة بسوء إلاّ أذابه الله في النار ذوب الرصاص أو ذوب الملح في الماء ) ، " قال : لمن أرادها في الدنيا فلا يمهله الله ولا يمكن له سلطان ، بل يذهبه عن قرب ، كما انقضى شأن من حاربها أيام بني أُمية مثل مسلم بن عقبة ، فإنّه هلك في منصرفه عنها ، ثمّ هلك يزيد بن معاوية مرسلة على ذلك " شرح مسلم ، النووي 9 : 138 . وراجع ذلك أيضاً في المصادر التالية : سير أعلام النبلاء للذهبي 3 : 322 ، المستدرك للحاكم النيسابوري 3 : 550 ، الثقات لابن حبان 2 : 312 ، أُسد الغابة لابن الأثير 4 : 397 ، فتح الباري لابن حجر 8 : 245 و 499 و 13 : 60 ، الديباج على مسلم للسيوطي 3 : 407 ، فيض القدير في شرح الجامع الصغير 1 : 57 ، الطبقات الكبرى لابن سعد 5 : 39 ، تاريخ خليفة بن الخياط 147 ، تهذيب التهذيب لابن حجر 11 : 316 . وغيرها من المصادر الكثيرة المتعرضة لهذه الواقعة المفجعة التي قتل خلق كثير فيها من الصحابة والتابعين ، واستبيحت فيها نساؤهم وبناتهم وولدن الكثير من السفاح ، حتى أنّ من صار منهم يسمّون أولاد الحرّة لعدم معرفة آبائهم ، وأنّ الرجل بعد وقعة الحرّة كان يزّوج ابنته من دون أن يضمن بكارتها . والملفت للنظر في هذا الأمر أنّ قائد الجيش الذي فعل هذه الأفعال الشنيعة في المدينة - وهو مسلم بن عقبة المري - ذكره بعضهم كابن حجر العسقلاني وغيره أنّه صحابي كما تقدّم ، فعند ذلك يقع تضارب واضح بين من يؤمن بعدالة جميع الصحابة وأنّهم في الجنّة وبين الحديث المتقدّم عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " ولا يريد أحدٌ أهل المدنية . . . " مع أفعال هذا الصحابي الشنيعة ، فهل هذا عادل ؟ ! وهل هو في الجنّة ، لأنّه صحابي ولا يضّره ما فعل ؟ !
77
نام کتاب : فاسألوا أهل الذكر ( مركز الأبحاث ) نویسنده : الدكتور محمد التيجاني جلد : 1 صفحه : 77