نام کتاب : فاسألوا أهل الذكر ( مركز الأبحاث ) نویسنده : الدكتور محمد التيجاني جلد : 1 صفحه : 261
رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أعطاها فدك نحلة في حياته ، فليس هي من الإرث ، وعلى فرض أنّ الأنبياء لا يورّثون ، كما روى أبو بكر ذلك عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ; كذّبتْه فاطمة الزّهراء ( عليها السلام ) ، وعارضت روايته بنصوص القرآن الذي يقول : * ( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ ) * ( 1 ) فإنّ فدك لا يشملها هذا الحديث المزعوم ; لأنّها نحلة وليست هي من الإرث في شيء . ولذلك تجد كلّ المؤرّخين والمفسّرين والمحدّثين يذكرون بأن فاطمة ( عليها السلام ) ادّعت بأنّ فدك ملك لها ، فكذّبها أبو بكر وطلب منها شهوداً على دعواها ، فجاءت بعلي بن أبي طالب ، وأُمّ أيمن ، فلم يقبل أبو بكر شهادتهما واعتبرها غير كافية ( 2 ) .
1 - النمل : 16 . 2 - اعطاء فدك لفاطمة ( عليها السلام ) رواه كلّ من أبي يعلى في مسنده 2 : 334 ، والحسكاني في شواهد التنزيل 1 : 438 بطرق متعدّدة ، والسيوطي في الدر المنثور عن البزار وأبي يعلى وابن أبي حاتم وابن مروديه ، والمتقي الهندي في كنز العمال 3 : 767 ح 8696 ، والقندوزي في ينابيع المودة 1 : 359 وغيرهم . ويدلّ على أنّ فدك كانت بيد فاطمة ( عليها السلام ) اُمور : 1 - قول علي ( عليه السلام ) في كتابه لعثمان بن حنيف : " بلى كانت في أيدينا فدك . . . " ( نهج البلاغة 3 : 71 ، الكتاب 45 ) . 2 - الأحاديث التي وردت في إعطاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فدكاً لفاطمة ( عليها السلام ) . 3 - ما ورد في الأخبار من ردّ فدك لبني هاشم ممّا يدلّل على أنّها كانت بيدهم ثمّ أُخذت ثمّ رُدت . 4 - ما ورد في الاختصاص للشيخ المفيد : 183 من أنّ ابا بكر بعث إلى وكيل فاطمة ( عليها السلام ) فأخرجه من فدك . 5 - شهادة بعض الصحابة بكون فدك لفاطمة ، وهم : عليّ بن أبي طالب والحسن والحسين ( عليهم السلام ) ، وأُم أيمن ، وغيرهم ، هذا مضافاً إلى ادّعاء فاطمة ذلك وهي معصومة لا تكذب ، وقد أقرّها عليّ ( عليه السلام ) وابناها المعصومون على ذلك . لا يقال : ليس من العدل أن يعطي النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فدك لفاطمة دون سائر بناته ؟ لأنّنا نقول : أولا : إنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) معصوم ولا يفعل القبيح ولا يظلم أحداً . ثانياً : إنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) امتثل أمر الله تعالى في إعطاء فدك لفاطمة ، ورد في الكافي 1 : 543 ح 5 عن موسى بن جعفر ( عليه السلام ) أنّه قال للمهدي العباسي بخصوص فدك لما كان يردّ المظالم : " فدعاها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال لها : يا فاطمة إنّ الله أمرني أن أدفع إليك فدك ، فقالت : قد قبلت يا رسول الله من الله ومنك " ولا اعتراض على فعل الله تعالى . ثالثاً : لا نسلّم أن يكون لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بنات غير فاطمة ( عليها السلام ) والباقي ربائب ، كما حقّق في محلّه . رابعاً : لو سلّمنا جدلا أنّهنّ بناته ، ولو سلّمنا أيضاً أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) هو الذي أعطى فدك لفاطمة من تلقاء نفسه ، فنقول : كان ذلك لعلم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بأنّ ذريته ستكون من فاطمة دون سائر بناته ، فكيف لا يهتم بشؤونهم ويدعهم عيال على الناس يتصدّقون متى شاؤوا ؟ أفمن العدل تركهم هكذا ؟ ! ورسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) هو الذي منع سعد بن أبي وقاص أن يتصدّق بثلُثَي ماله وقال له : " إنّك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس " ( صحيح البخاري 2 : 82 ) والطريف أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عبّر بقوله : " ورثتك " ولم يكن لسعد إلاّ ابنة واحدة ، ولذا قال الفاكهي شارح العمدة - كما في نيل الأوطار للشوكاني 6 : 150 - : " إنّما عبّر ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالورثة ; لأنّه اطلع على أنّ سعداً سيعيش ويحصل له أولاد غير البنت المذكورة . . . " . خامساً : لقد نحل أبو بكر ابنته عائشة دون سائر ولده ، وكذلك فعل عمر حيث نحل ابنه عاصماً دون سائر ولده ( فتح الباري 5 : 158 ) فلو قالوا : إنّما فعلا ذلك مع رضى سائر الأولاد ، قلنا : إنّما فعل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ذلك مع رضى سائر البنات . قد يقال : ألستم تقولون بأنّ فدك إرث ، والآن تقولون هبة ؟ فنقول في الجواب : الثابت الصحيح انّ فدك لم تكن إلاّ نحلة وهبة لفاطمة ( عليها السلام ) ، والزهراء بدعواها الإرث قد طالبت بجميع متروكات النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) التي قبضها أبو بكر بلا فرق بين فدك ومال بني النضير وسهمه من خمس خيبر وغيرها ، فإنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد ترك أموالا كثيرة من صدقات وموقوفات وضياع وأملاك ، والقوم أطلقوا على كلّها اسم الصدقة لمصالح سياسية ، فأخذوها من أهلها ومن له ولاية التصرّف فيها ، قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 15 : 147 " وقد مات رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وله ضياع كثيرة جليلة جداً بخيبر وفدك وبني النضير ، وكان له وادي نخلة وضياع أُخرى كثيرة بالطائف ، فصارت بعد موته صدقة بالخبر الذي رواه أبو بكر " . وممّا يؤيّد أنّ الأمر تمّ لمصالح سياسية ما روي في المعجم الأوسط 5 : 288 عن عمر قال : لما قبض رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جئت أنا وأبو بكر إلى عليّ فقلنا : ما تقول فيما ترك رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ قال : " نحن أحقّ الناس برسول الله وبما ترك " ، قال : فقلت : والذي بخيبر ؟ قال : " والذي بخيبر " ، قلت : والذي بفدك ؟ فقال : " والذي بفدك " ، قلت : أما والله حتى تحزّوا رقابنا بالمناشير فلا . فتلخّص : أنّ فاطمة ( عليها السلام ) حاكمت القوم بعدّة محاكمات في عرض واحد : نحلتها ، إرثها ، موقوفات رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) التي لها ( عليها السلام ) ولاية التصرّف فيها ، خمس خيبر ، سهم ذوي القربى ، وذلك لأنّ القوم أرادوا اغتصابها جميعاً بعنوان أنّها صدقة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والوالي أحقّ بها والنبي لا يورّث ، وإلاّ كيف جاز لعمر أن يردّ صدقات النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) التي بالمدينة إلى عليّ والعباس - كما في البخاري كتاب فرض الخمس - مع أنّه هو الذي شهد مع أبي بكر بأنّ النبي لا يورّث ؟ ! ! ، فتبيّن ممّا مضى أنّ الأمر كان ذا أبعاد متشعبة . ومن هنا يعرف أنّ ما ذكره مؤلّف كتاب كشف الجاني في الصحفة 134 ما هو إلاّ ارتجال ناشئ عن الجهل الذي أطبق عليه .
261
نام کتاب : فاسألوا أهل الذكر ( مركز الأبحاث ) نویسنده : الدكتور محمد التيجاني جلد : 1 صفحه : 261