نام کتاب : فاسألوا أهل الذكر ( مركز الأبحاث ) نویسنده : الدكتور محمد التيجاني جلد : 1 صفحه : 116
وإذا كان الأمر كذلك ، فلنعد إلى المثال الأوّل لزوجات النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وهي عائشة التي بلغت من المرتبة السّامية والمكانة العالية والشهرة الكبيرة ما لم تبلغه أيّة زوجة أُخرى للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، لا ولا حتّى لو جمعنا فضائلهنّ بأجمعهنّ ما بلغنَ عشر معشار عائشة بنت أبي بكر ، هذا ما يقوله أهل السنّة فيها ( 1 ) ، والذين يعتبرون أنّ نصف الدّين يؤخذ عنها وحدها .
1 - ذكر صاحب كتاب " كشف الجاني " : 131 أنّ المؤلّف كذب في هذا الكلام ; لأنّ أهل السنّة لا يقولون بذلك ، بل هم مختلفون في تفضيل عائشة على خديجة أو بالعكس ، وبعضهم يفضّل فاطمة سلام الله عليها عليهما . والذي يرجع إلى أقوال علماء أهل السنّة في هذا المضمار يلحظ أنّ المؤلّف لم يجانب الصواب ، ولم يفترِ عليهم ما لم يقولوه كما حاول عثمان الخميس في كتابه " كشف الجاني " إظهار المؤلّف بذلك ، مجازفاً في تحميل مذهب أهل السنّة المفضّل لعائشة على بقية زوجات النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعلى فاطمة سلام الله عليها على بعض الأقوال ، وننقل هنا كلمات علماء أهل السنّة في المسألة ليطلع عليها القارئ وصاحب كتاب " كشف الجاني " إذ لعلّه لا يستطيع اقتناءها فلذلك زوّر الكلام جزافاً : 1 - قال الذهبي في سير أعلام النبلاء 2 : 140 في ترجمة عائشة 19 : " . . ولم يتزوّج النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بكراً غيرها ، ولا أحبّ امرأة حبّها ، ولا أعلم من أُمّة محمّد بل ولا في النساء مطلقاً امرأة أعلم منها ، وذهب بعض العلماء إلى أنّها أفضل من أبيها " . فهنا لم يفضّلوا عائشة على خديجة فحسب بل فضّلوها حتى على أبيها ! ! 2 - وقال ابن تيمية في كتابه أُمّ المؤمنين عائشة : 23 : " قد ذهب إلى ذلك [ أي تفضيل عائشة على غيرها من النساء ] كثير من أهل السنّة " . 3 - عن الزهري أنّه قال : " لو جمع علم الناس كلّهم ثمّ علم أزواج النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لكانت عائشة أوسعهم علماً " المستدرك 4 : 11 ، وقال عطاء : " وكانت عائشة أفقه الناس وأعلم الناس وأحسن الناس رأياً في العامة " المستدرك 4 : 14 . وذكروا لعائشة كثير من الخصائص التي لم يرد لواحدة من أزواج النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ربع معشارها لا عشرها فقط ، وهنا نورد بعضها ومن شاء فليراجع : 1 - قال الحاكم : " نقل عن عائشة وحدها ربع الشريعة " الإجابة : 62 . 2 - إنّ جبرائيل ( عليه السلام ) جاء بصورتها إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) دون غيرها . الكامل في التاريخ 6 : 364 ، تاريخ بغداد 11 : 221 . 3 - إنّ الوحي لا يأتي لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلاّ في بيتها دون سائر نسائه . صحيح البخاري 7 : 84 . 4 - إنّها أحبّ الناس إلى الرسول بعد أبيها . صحيح البخاري 7 : 19 . 5 - جبرائيل ( عليه السلام ) يقرئها السلام دون غيرها من نسائه ، وأنّها الوحيدة من زوجات النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) التي رأته . صحيح البخاري 7 : 84 . 6 - إنّها فضلت أزواج النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعشر خصال دون غيرها . سير أعلام النبلاء ، للذهبي 5 : 147 . 7 - إنّه كان يقبّلها وهو صائم دون غيرها من نسائه . صحيح البخاري 1 : 83 . 8 - كان آخر زاده من الدنيا ريقها . صحيح البخاري 5 : 142 . 9 - إنّها زوجته في الدنيا والآخرة ولم يرد في حقّ غيرها ذلك . المعجم الأوسط للطبراني 1 : 169 . 10 - إنّها كانت تصوم الدهر دون غيرها . السنن الكبرى للبيهقي 4 : 301 . 11 - إنّ الملائكة كانت تحف بيتها دون غيرها . السمط الثمين ص 71 . 12 - إنّها كانت تغتسل مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في إناء واحد دون غيرها . صحيح ابن حبان 3 : 392 . 13 - إنّه كان لها يومان وليلتان وبقية نسائه يوم وليلة . صحيح مسلم 4 : 174 . 14 - أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان يعتذر منها دون غيرها . السمط الثمين لمحب الدين الطبري : ص 52 . إلى غير ذلك من الخصائص المزعومة التي ذكرت لها دون غيرها من نساء النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، والتي هي من الكثرة بحيث لم تكن لغيرها عشر معشار ما ذكر لها . وقد ذكر ابن تيمية كلاماً فيه طعن وتوهين للسيدة خديجة على حساب تفضيل عائشة واعطائها ذلك المنصب المصطنع من قبل الأمويين ، قال في كتابه أُم المؤمنين عائشة : 25 : " وهؤلاء يقولون : قوله لخديجة : " ما أبدلني الله بخير منها " - إن صحّ - فمعناه : ما أبدلني بخير لي منها ; لأنّ خديجة نفعته في أول الإسلام نفعاً لم يقم غيرها فيه مقامها ، فكانت خيراً له من هذا الوجه لكونها نفعته وقت الحاجة ، ولكن عائشة صحبته في آخر النبوة وكمال الدين فحصل لها من العلم والإيمان ما لم يحصل لمن لم يدرك إلاّ أول زمن النبوة ، فكانت أفضل بهذه الزيادة ، وبلغت من العلم ما لم يبلغه غيرها ، فخديجة كان خيرها مقصوراً على نفس النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . . " . وهذا الاستدلال كان من الأحرى لابن تيمية أن يجعله دليلا على أفضليتها على عائشة ; لأنّها نصرت النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في أول الرسالة حينما كان وحيداً ، بلا ناصر ولا معين ، وكان الطلقاء وأبناء الطلقاء يتربصون بالنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كل منفذ وكل فج ، ولم يألوا جهداً في معارضته بكلّ الأساليب والطرق من أذى ، وجوع ، وعزل عن المجتمع ، واستهزاء وسخرية وغيرها . . . ، ومع ذلك وقفت مع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وناصرته وآزرته وثبت على إيمانها . . بينما عائشة تزوّجها النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في المدينة بعد أن ارتفعت جميع الموانع ، وأصبح المسلمون في حرية كاملة والدين في سعة لا ضيق . . ومن الواضح أنّ المناصرة في الشدة أكمل وأحسن من المناصرة - على الفرض - في وقت الرخاء والسعة . . فما ذكره ابن تيمية عليه لا له أن تدبّر .
116
نام کتاب : فاسألوا أهل الذكر ( مركز الأبحاث ) نویسنده : الدكتور محمد التيجاني جلد : 1 صفحه : 116