هؤلاء الجبابرة وأعوانهم الذي كان يفترض فيهم إقامة العدل ، فها هم ينطلقون في خدمة شهواتهم وحقدهم على الإسلام وأهله فيصف حالهم : " في كل بلد منهم على منبره خطيب فيصقع ، فالأرض لهم شاغرة وأيديهم فيها مبسوطة والناس لهم خول - أي خدم - لا يدفعون يد لامس ، فمن بين جبار عنيد وذي سطوة على الضعيف شديد مطاع لا يعرف المبدي المعيد " . هذا هو حال المسلمين ، كما وصفه أبو عبد الله ، ولا بد من أن يستعيد الذهن ما فعله زياد وابن زياد وسمرة بن جندب من قتلهم للمسلمين وسفكهم للدماء ، هذه هي الصورة الحقيقة للدولة الأموية التي وجدت وما زالت تجد من يدافع عنها ويدعو الناس للخنوع والخضوع باسم الدين ، والدين براء من هؤلاء وهؤلاء . إن هذه الخطب الثلاث ترسم معالم التصور الإسلامي لنظام الحكم ، هذا التصور الذي افتتح معسكر النفاق جهدهم بالهجوم عليه ، عالمين بأن انتفاضة يسهل عليهم كل عسير ، والحسين عليه السلام يعيد التأكيد على معالمه الرئيسية خاصة بعدما جرب الناس حكومة بني أمية ورأوا جرأتهم على سفك الدماء واستئثارهم بالأموال ، إنها حكومة الظلمة التي أمرنا الله تبارك وتعالى بأن نجاهد حتى ننهي وجودها سواء رفعت شعارات الكفر أم ادعت الإسلام فقال عز من قائل : ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ) ( الأنفال / 39 ) ، فكيف يكون الدين كله لله إذا كان الناس مجبرون على الخضوع للظلم وإلا قتلوا أو جاعوا ؟ ! ، كيف يكون الدين كله لله ، والحاكم الجائر يمتلك إزهاق