الخلف بعد رسول الله من إيجاز الصفة والتنكب عن استبلاغ النعت ، وهيهات هيهات يا معاوية : فضح الصبح فحمة الدجى ، وبهرت الشمس أنوار السرج ، ولقد فضلت حتى أفرطت ، واستأثرت حتى أجحفت ، ومنعت حتى محلت ، وجزت حتى جاوزت ما بذلت لذي حق من اسم حقه بنصيب حتى أخذ الشيطان حظه الأوفر ، ونصيبه الأكمل ، وفهمت ما ذكرته عن يزيد ما اكتماله ، وسياسته لأمة محمد ، تريد أن توهم الناس في يزيد كأنك تصف محجوبا ، أو تنعت غائبا أو تخبر عما كان مما احتويته بعلم خاص . وقد دل يزيد من نفسه على موقع رأيه ، فخذ ليزيد في ما أخذ فيه ، من استقرائه الكلاب المهارشة عند التحارش ، والحمام السبق لا ترابهن ، والقيان ذوات المعازف وضرب الملاهي تجده باصرا ، ودع عنك ما تحاول ، فما أغناك أن تلقى الله من وزر الخلق بأكثر مما أنت لاقيه ، فوالله ما برحت تقدم جور باطلا في حور وحنقا في ظلم حتى ملأت الأسقية وما بينك وبين الموت إلا غمضة ، فتقدم على عمل محفوظ ، في يوم مشهود ، ولات حين مناص ، ورأيتك عرضت بنا بعد هذا الأمر ، ومنعتنا عن آبائنا ، ولقد - لعمر الله - أورثنا الرسول ، ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ولادة وجئت لنا بها ، ما حججتم به فاذعن للحجة بذلك ، ورده الإيمان إلى النصف ، فركبتم الأعاليل ، وفعلتم الأفاعيل ، وقلتم كان ويكون ، حتى أتاك الأمر يا معاوية من طريق كان قصدها لغيرك ، فهناك اعتبروا يا أولي الأبصار ، ذلك ، ولعمرو بن العاص يومئذ فضيلة بصحبة الرسول ، وبيعته له ، وما صار لعمرو يومئذ مبعثهم حتى أنف القوم إمرته ، وكرهوا تقديمه ،