دعا الضحاك بن قيس ، فقال له : إذا جلست على المنبر ، وفرغت من بعض موعظتي وكلامي ، فستأذني للقيام ، فإذا أذنت لك ، فأحمد الله تعالى ، واذكر يزيد ، وقل فيه الذي يحق له عليك ، من حسن الثناء عليه ، ثم ادعني إلى توليته من بعدي ، فإني قد رأيت وأجمعت على توليته ، فاسأل الله في ذلك ، وفي غيره الخيرة وحسن القضاء . ثم دعا عدة رجال فأمرهم أن يقوموا إذا فرغ الضحاك ، وأن يصدقوا قوله ، ويدعوا إلى يزيد . ثم خطب معاوية فتكلم القوم بعده على ما يروقه من الدعوة إلى يزيد فقال معاوية : أين الأحنف ؟ فأجابه ، قال : ألا تتكلم ؟ فقام الأحنف ، فحمد الله وأثني عليه وقال بعد مقدمة : إن أهل الحجاز وأهل العراق لا يرضون بهذا ، ولا يبايعون ليزيد ما كان الحسن حيا . فغضب الضحاك ورد غاضبا : ما للحسن وذوي الحسن في سلطان الله الذي استخلف به معاوية في أرضه ؟ هيهات ولا تورث الخلافة عن كلالة ولا يحجب غير الذكر العصبة ، فوطنوا أنفسكم يا أهل العراق على المناصحة لإمامكم ، وكاتب نبيكم وصهره ، يسلم لكم العاجل ، وتربحوا من الآجل . ثم قام الأحنف بن قيس فحمد الله وأثني عليه فقال : قد علمت أنك لن تفتح العراق عنوة ، ولم تظهر عليها قصعا ، ولكنك أعطيت الحسن بن علي من عهود الله ما قد علمت ، ليكون له الأمر بعدك [1] . أما عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، وكان من خواص أصحاب
[1] الإمامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري ، تحقيق علي شيري 1 / 188 و 191 - 292 .