الأشباح التي قد عمت أنوارها الآفاق فسجدوا إلا إبليس أبى أن يتواضع لجلال عظمته وأن يتواضع لأنوارها أهل البيت وقد تواضعت لها الملائكة واستكبر وترفع وكان بإبائه ذلك وتكبره من الكافرين " . وبات الحسين وأصحابه في تلك الليلة ولهم دوي كدوي النحل ما بين راكع وساجد وقائم وقاعد ، وكان الإمام عليه السلام يتلو قوله تعالى : ( ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين ) ( آل عمران / 178 ) ، وفي ليلة الشهادة جلس أبو عبد الله الحسين يصلح سيفا له وزينب عليه السلام جالسة ، فأنشد : * يا دهر أف لك من خليل كم لك بالإشراق والأصيل من صاحب وطالب قتيل والدهر لا يقنع بالبديل وإنما الأمر إلى الجليل وكل حي سالك السبيل * ففهمتها زينب ، عليه السلام ، فلم تملك نفسها فوثبت تجر ثوبها وإنها لحاسرة حتى انتهت إليه فقالت : " واثكلاه ، ليت الموت أعدمني الحياة ، اليوم ماتت أمي فاطمة وأبي علي وأخي الحسن ، يا خليفة الماضين . فنظر إليها الحسين قائلا : يا أختي لا يذهبن بحلمك الشيطان . وترقرقت عيناه بالدموع وقال : لو ترك القطا ليلا لنام . فقالت : يا ويلتاه ، أفتغتصب نفسك اغتصابا فذلك اقرح لقلبي وأشد