نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين جلد : 1 صفحه : 34
لمدة الصحبة ودرجتها ، من حيث الملازمة للنبي ( صلى الله عليه وآله ) ومستوى أخذ الأحكام منه ودرجة الاهتمام بذلك . وفي الواقع لم يكن الصحابة من هذه النواحي سواسية ، فكان منهم الذي يكتب ويسجل الحديث ، ومنهم من لم يكن يكتب ، ومنهم من شغلته الصفقات في الأسواق فيفوته الكثير ثم ينقل إليه نقلا ، ومنهم من له أوقات خاصة مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وقد خص بالعلم دون الآخرين ، فإن سأل يعطي وإن سكت عن السؤال يبتدر بالعلوم [1] . ومنهم من يسمع الحديث فلا يعيه ، ومنهم من يحفظ ما يقال ، ومنهم من ينساه . فالصحابة بشر بلا شك ، فلا يمكن أن يكونوا في ذلك على وفق واحد . على أن الصحابة من حيث الإيمان لم يكونوا على قرار واحد ، ولا في الإخلاص على وتيرة . فهذا هو التاريخ والواقع يبين هذه الحقيقة ، فلماذا الغلو في الصحابة ؟ ! لا شك أن وصفهم كافة بالصحبة التي تستوجب العلم والعدالة إسراف مبغوض وتكلف لا يطاق ، إذ لا دليل ينهض بذلك ولا حجة تقوم له . ومهما يكن صاحب هذا الرأي ومهما ينسب إليه من الأوصاف والنياشين العلمية فهو مخطئ وعاثر في رأيه هذا ، إذ أن الخطأ والغلط والنسيان سواءا كان عمدا أو سهوا فهو من لوازمه ، فلا يؤخذ بقول كل من يقول ولا بكل ما يقول . إن مسألة عدالة كافة الصحابة بقضهم وقضيضهم من المسائل التي عفى عليها الدهر ، وتجاوزها العلم والمنطق . ونحن بقدر ما نرى في ذكرها حلا لمعضلة البعض من الشباب المتعطشين للحقيقة ، نرى البحث فيها مضيعة لوقت أولئك الذين وقفوا عليها . وقبل الخوض في الموضوع تفصيلا ، علينا أن نرى أولا ما يقوله القوم في تعريف الصحابي ، والمعيار الذي اعتمدوه في تحديد عدالة الجميع . تعريف الصحابي يقول ابن حجر في تعريف الصحابي : " الصحابي من رأى النبي ( صلى الله عليه وآله ) مؤمنا به ومات