نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين جلد : 1 صفحه : 200
على أن الانقسام المشاهد في كل فرقة من الفرق الإسلامية هو تصريح باستحالة تحقق الإجماع . ولا أري إمكانية وقوع الإجماع بين أهل السنة فيما بينهم ، ولا بين الشيعة بانفرادهم ، فضلا أن يقع الإجماع بينهما مجتمعين . فاجتماع الأمة بأسرها على الخطأ ممكن ، ولكن لا يمكن أيضا اجتماعها على الحق بأسرها . إن واقعة صفين كانت بين أمة المسلمين ، وقد كان الحق عند أحد الطرفين بلا شك ، ولكن لم يجتمع المسلمون عليه كما لم يجتمعوا على ما يقابله من الباطل ، فنشبت بينهم الحرب ، وقتل بعضهم بعضا . . فلماذا يتكلم الإمام الرازي بكلام يبعد عن الواقع ويعطي مصدقا لآية قرآنية ليس له وجود ؟ ! ثم كيف يتم التعرف على أن أهل الحل والعقد هم هؤلاء ؟ ! فالإشكال الذي أشكل به الإمام الرازي - وهو إشكاله بصعوبة التعرف على الأئمة المعصومين ، واستحالة الوصول إليهم - هو إشكال يرد عليه ، إذ كيف يتم التعرف على أهل الحل والعقد والوصول إليهم ؟ ! . من الذي يقدمهم إلى الأمة بهذه الصفة ؟ ! ونحن ليس لدينا في مجال التعيين إلا الإجماع أو الانتخاب والترشيح أو النص . فأما القول بضرورة الإجماع عليهم فنحن به محتاجون إذا إلى إجماعين : إجماع من الأمة يعرفنا بأهل الحل والعقد ، وإجماع آخر يعرفنا بصواب ما يصدره أهل الحل والعقد من أحكام وأوامر ونواه ، بحيث تلتزم الأمة بما يصدر عنهم . وبهذا تتضاعف المشكلة ، لأن العبور من الإجماع الأول إلى الإجماع الثاني محال ، لعدم إمكانية وقوع الإجماع الأول . فالجهد الذي قام به الإمام الرازي لإبعاد نفسه عن الاعتراف بالأئمة المعصومين على قول الشيعة - لا سيما بعد الاعتراف الموفق منه بعصمة أولي الأمر - فهو جهد مقدر ومشكور علميا ، لكنه ناقص ولا يحل المشكلة ، فقد كان عليه أن يبين لنا معيار وملاك الاتصاف بأهلية الحل والعقد ، وكيفية تعريف الأمة بهم ، وعلى رغم أن ذلك تترتب عليه مشكلاته ، غير أنه يتيح فرصة أطول لمن أراد السفسطة .
200
نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين جلد : 1 صفحه : 200