لقاء العلماء أدخلني صديقي إلى مسجد في جانب الحرم مفروش كله بالسجاد وفي محرابه آيات قرآنية منقوشة بخط جميل ، ولفت انتباهي مجموعة من الصبيان المعممين جالسين قرب المحراب يتدارسون وكل واحد في يده كتاب ، فأعجبت لهذا المنظر الجميل ولم يسبق لي أن رأيت شيوخا بهذا السن أعمارهم تتراوح ما بين الثالثة عشرة والسادسة عشرة وقد زادهم جمالا ذلك الزي فأصبحوا كالأقمار ، سألهم صديقي عن ( السيد ) فأخبروه بأنه يصلي بالناس جماعة ، ولم أفهم من هو ( السيد ) الذي سألهم عنه غير أنني توقعت أنه أحد العلماء . وعرفت فيما بعد أنه السيد الخوئي زعيم الحوزة العلمية للطائفة الشيعية . مع العلم بأن لقب ( السيد ) عند الشيعة هو لقب لكل منحدر من سلالة النبي صلى الله عليه وآله ، ويرتدي ( السيد ) العالم أو طالب العلوم الدينية عمامة سوداء ، وأما العلماء الآخرون فيرتدون عمامة بيضاء ويلقبون ب ( الشيخ ) وهناك نوع من الأشراف الذين ليسوا بعلماء فلهم عمامة خضراء . طلب إليهم صديقي أن أجلس معهم ريثما يذهب للقاء ( السيد ) ورحبوا بي وأحاطوني بنصف دائرة وأنا أنظر في وجوههم وأستشعر براءتهم ونقاوة سريرتهم وأستحضر في ذهني حديث النبي صلى الله عليه وآله حيث قال : ( يولد المرء على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ) وقلت في نفسي : أو يشيعانه .