يصلوا عليه ويحبوه ويطيعوه ، شتموه ولعنوه طيلة ستين عاما كما جاء في كتب التاريخ . فإذا كان أصحاب موسى قد تآمروا على هارون وكادوا يقتلونه ، فإن بعض أصحاب محمد قتلوا هارونه وتتبعوا أولاده وشيعته تحت كل حجر ومدر ومحوا أسماءهم من الديوان ومنعوا أن يتسمى أحد باسمه ، ولم يكتفوا بكل ذلك بل لعنوه وحملوا الصحابة المخلصين على ذلك قهرا وظلما . وإني والله لأقف حائرا مبهوتا عندما أقرأ صحاحنا وما سجل فيها من حب الرسول لأخيه وابن عمه علي وتقديمه على كل الصحابة حتى قال فيه : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي [1] . وقال له : أنت مني وأنا منك [2] وقال : حب علي إيمان وبغضه نفاق [3] ، وقال أنا مدينة العلم وعلي بابها [4] وقال : علي ولي كل مؤمن بعدي [5] . وقال : من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه [6] ، ولو أردنا استقصاء الفضائل التي ذكرها النبي في علي والتي أخرجها علماؤنا معترفين بصحتها لاستوجب كتابا خاصا ، فكيف يا ترى يتجاهل الصحابة هذه النصوص ويسبون عليا وينصبون له العداء ويلعنونه فوق المنابر وكيف يقاتلونه ويقتلونه . وإني أحاول عبثا أن أجد مبررا لهؤلاء فلا أجد غير حب الدنيا والتنافس فيها أو النفاق أو الارتداء والانقلاب على الأعقاب ، وأحاول أيضا إلصاق هذه
[1] صحيح البخاري ج 2 ص 305 ، مسلم ج 2 ص 360 ، مستدرك الحاكم ج 3 ص 109 . [2] صحيح البخاري ج 2 ص 76 ، صحيح الترمذي ج 5 ص 300 ، سنن ابن ماجة ج 1 ص 44 . [3] صحيح مسلم ج 1 ص 61 ، سنن النسائي ج 6 ص 117 صحيح الترمذي ج 8 ص 306 . [4] صحيح الترمذي ج 5 ص 201 مستدرك الحاكم ج 3 ص 126 . [5] مسند الإمام أحمد ج 5 ص 25 مستدرك الحاكم ج 3 ص 134 ، صحيح الترمذي ج 5 ص 296 . [6] صحيح مسلم ج 2 ص 362 مستدرك الحاكم ج 3 ص 109 مسند أحمد ج 4 ص 281 .