التي يثق بها ؟ قال : البخاري ومسلم . وأخرجت صحيح البخاري وفتحته على الصفحة المعينة وقلت : تفضّل يا سيدي إقرأ . قال : إقرأ أنت ؟ وقرأت : حدثنا فلان عن فلان عن عائشة أم المؤمنين قالت : توفي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولم يحرّم من الرضعات إلاّ خمساً فما فوق [1] . وأخذ الرئيس منّي الكتاب وقرأ بنفسه ، وأعطاه إلى وكيل الجمهورية بجانبه ، وقرأ هو الآخر ، وناوله لمن بعده في حين أخرجت صحيح مسلم وأطلعته على نفس الأحاديث ، ثمّ فتحت كتاب الفتاوى لشيخ الأزهر شلتوت ، وقد ذكر هو الآخر اختلافات الأئمة في مسألة الرضاعة ، فمنهم من ذهب إلى القول بأن المحرّم ما بلغ خمس عشرة رضعة ، ومنهم من قال بسبعة ، ومنهم من حرّم فوق الخمسة عدا مالك الذي خالف النص وحرّم قطرة واحدة ، ثمّ قال شلتوت : وأنا أميل إلى أوسط الآراء فأقول خمساً فما فوق . وبعد ما اطلع رئيس المحكمة على ذلك قال : يكفي ثمّ التفت إلى زوج المرأة وقال له : إذهب الآن وآئتني بوالد زوجتك ليشهد أمامي بأنّها رضعت مرتين أو ثلاثة ، وسوف تأخذ زوجتك معك هذا اليوم . وطار المسكين فرحاً ، واعتذر وكيل الجمهورية وبقية الأعضاء الحاضرين للالتحاق بأعمالهم وأذن لهم الرئيس ، ولمّا خلا بنا المجلس التفت إليّ معتذراً وقال : سامحني يا أستاذ لقد غلّطوني فيك وقالوا فيك أشياء غريبة ، وأنا الآن عرفت بأنّهم حاسدون ومغرضون يريدون بك شراً .
[1] ورد في صحيح مسلم 4 : 167 ، كتاب الرضاعة ، باب التحريم بهذا اللفظ : " كان فيما أُنزل من القرآن : عشر رضعات معلومات يحرّمن ، ثمّ نسخن : بخمس معلومات . فتوفّي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهنّ فيما يُقرأ من القرآن " والمؤلف نقله بالمضمون .