والجماعة ، والخامس هو المرشد الدّيني ، والسادس شيخ العشيرة ، والسابع هو مدير المدرسة ، وقد جاؤوا يستفسرون عن قضية الرضاعة ، وبماذا حللتها ؟ وأدخلت الجميع إلى المكتبة ، وكنت أتوقّع جدالهم ، وأحضرت لهم القهوة ، ورحّبت بهم ، قالوا : إنّما جئناك نناقشك في تحليلك الرّضاعة ، وقد حرّمها الله في القرآن ، وحرمها رسوله بقوله : " يحرم بالرضاعة ما يحرم بالنّسب " ، وكذلك حرّمها الإمام مالك . قلت : يا سادتي أنتم ما شاء الله ثمانية وأنا واحد ، فإذا تكلمت مع الجميع فسوف لن أقنعكم ، وتضيع المناقشة في الهامشيات ، وإنّما اقترح عليكم اختيار أحدكم حتّى أتناقش معه ، وأنتم تكونون حكماً بيني وبينه ! وأعجبتهم الفكرة واستحسنوها ، وسلّموا أمرهم إلى المرشد الديني قائلين بأنّه أعلمهم وأقدرهم ، وبدأ السيد يسألني : كيف أحلل ما حرم الله ورسوله والأئمة ؟ ! قلت : أعوذ بالله أن أفعل ذلك ! ولكن الله حرّم الرضاعة بآية مجملة ، ولم يبيّن تفصيل ذلك ، وإنّما أوكل ذلك إلى رسوله فأوضح مقصود الآية بالكيف والكم . قال : فإن الإمام مالك يحرّم الرّضاعة من قطرة واحدة . قلت : أعرف ذلك ، ولكن الإمام مالك ليس حجة على المسلمين ، وإلاّ فما هو قولك بالأئمة الآخرين ؟ أجاب : رضي الله عنهم وأرضاهم ، فكلّهم من رسول الله ملتمس . قلت : فما هي إذن حجتك عند الله في تقليدك الإمام مالك الذي يخالف رأيه نصّ الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ؟ قال محتاراً : سبحان الله ، أنا لا أعلم بأنّ الإمام مالكا إمام دار الهجرة