السّفر إلى الحجاز وصلت إلى جدّة ، والتقيت بصديقي البشير الذي فرح بقدومي وأنزلني في بيته ، وأكرمني غاية الإكرام ، وكان يقضي أوقات فراغه معي في النزهة والمزارات بسيّارته ، وذهبنا للعمرة معاً ، وعشنا أيّاما كُلّها عبادة وتقوى . واعتذرت له عن تأخري لبقائي في العراق ، وحكيت له عن اكتشافي الجديد أو الفتح الجديد ، وكان متفتحاً ومطلعاً فقال : فعلا أنا أسمع أنّ فيهم بعض العلماء الكبار وعندهم ما يقولون ، ولكنّ عندهم فرقاً كثيرة كافرة منحرفة يخلقون لنا مشاكل متعدّدة في كلّ موسم للحج . سألته ما هي هذه المشاكل التي يخلقونها ؟ أجاب : إنّهم يصلّون حول القبور ، يدخلون البقيع جماعات فيبكون وينوحون ، ويحملون في جيوبهم قطعا من الحجارة يسجدون عليها ، وإذا ذهبوا إلى قبر سيّدنا الحمزة في أُحد فهناك يقيمون جنازة بلطم وعويل ، وكأنّ الحمزة مات في ذلك الحين ، ومن أجل كلّ ذلك منعتهم الحكومة السعودية من الدخول إلى المزارات . ابتسمت ، وقلت له : ألهذا تحكم عليهم بأنهم منحرفون عن الإسلام ؟ قال : هذا وغيره ، إنّهم يأتون لزيارة النبيّ ، ولكنّهم في نفس الوقت يقفون على قبر أبي بكر وعمر ويسبّونهم ويلعنونهم ، ومنهم من يلقي على قبر أبي بكر وقبر عمر القذارات والنجاسات . وذكرني هذا القول بالرواية التي سمعتها من والدي غداة رجع من الحجّ ، ولكنّه قال بأنّهم يلقون القذارات على قبر النبيّ ، ولا شكّ بأنّ والدي لم يشاهد ذلك بعينيه لأنّه قال : شاهدنا جنوداً من الجيش السعودي يضربون بعض الحجّاج بالعصى ، ولمّا استنكرنا عليهم إهانتهم لحجّاج بيت الله الحرام ! أجابونا