responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ثم اهتديت ( محققة ) نویسنده : الدكتور محمد التيجاني    جلد : 1  صفحه : 331


ولا ينفع ، ولكنّنا نقصد ما وراء الحديد وما وراء الأخشاب ، نحن نقصد بذلك تعظيم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كما قصدت أنت القرآن بتقبيلك جلد الماعز الذي يغلّفه .
فكبّر الحاضرون اعجاباً له وقالوا : صدقت ، واضطر الملك وقتها إلى السّماح للحجّاج أن يتبركوا بآثار الرسول حتّى جاء الذي بعده فعاد إلى القرار الأوّل [1] .



[1] حاول بعض السلفية الإجابة على هذه الشبهة فقال : " ثُمّ لو قلنا بجواز تقبيل المصحف فإنّه قياس مع الفارق لأنّ تعظيم المصحف الذي يحوي كلام الله - الذي هو صفة من صفاته - لا يؤدي بالتالي إلاّ إلى تعظيم الله فلا يخاف على صاحبه من ذريعة الشرك ، بخلاف تعظيم قبر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) واعطائه بعض صفات الرب . . " كشف الجاني : 68 . وفي هذا الكلام مفارقات واضحة حيث ذكر فيه أنّ المصحف هو كلام الله تعالى ، مع أنّ المصحف ليس كلام الله تعالى وإنمّا مكتوب فيه كلام الله تعالى ، فحاول طي المسألة . والمغالطة فيها إما لسوء فهم أو عن نّية ، فإنّ الفرق بين الأمرين واضح حيث إن المصحف دوّن فيه الكلام الذي أنزل على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأما أنه كلام الله فاطلاق مجازي . مضافاً إلى أن تقبيل المصحف هو تقبيل للجلد وليس للصفحات التي كتب فيها كلام الله تعالى ، فيعود الإشكال جذعاً ، وهو كيف جاز لك تقبيل جلد المصحف ولم تجعله ذريعة إلى الشرك ، أو من الأمور المنهي عنها ولا تجوز تقبيل القبر وتجعله ذريعة إلى الشرك ، لأنّ الأمر الذي ذكره للتفريق بينهما غير فارق ، فما دام هذا جماد وهذا جماد فلا يجوز تقبيلهما لأنّهما ذريعة إلى الشرك . وإن كان الأمر بالتفريق الذي ذكره فهو غير صحيح ، لأنّ تقبيل قبّر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ليس علّة منحصرة أو ذريعة واضحة إلى الشرك وإنّما هو تكريم واحترام للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الذي يجب على كلّ حال سواء أكان حياً أم ميتاً . والتقدير والاحترام غير إشراكه في صفة من صفات الله تعالى ، ولذلك تجد العلماء لم يفرقوا بين الأمرين قال ابن حجر في فتح الباري 3 : 38 : " استنبط بعضهم من مشروعية تقبيل الأركان جواز تقبيل كلّ من يستحق التعظيم من آدمي وغيره ، فأما تقبيل يد الآدمي فآتي في كتاب الأدب ، وأما غيره فنقل عن الإمام أحمد أنّه سئل عن تقبيل منبر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وتقبيل قبره ؟ فلم ير به بأساً . واستبعد بعض أتباعه صحة ذلك . ونقل عن ابن أبي الصيف اليماني - أحد علماء مكة من الشافعية - جواز تقبيل المصحف واجزاء الحديث وقبور الصالحين . . " . وقال العيني في عمدة القارئ 9 : 241 : " وكذلك تقبيل أيدي الصالحين وأرجلهم فهو حسن محمود باعتبار القصد والنّية ، وقد سأل أبو هريرة الحسن - رضي الله تعالى عنه - أنّ يكشف له المكان الذي قبله فيه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وهو سرته ، فقبله تبركاً بآثاره وذريته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وقد كان ثابت البناني لا يدع يدّ أنساً - رضي الله تعالى عنه - حتّى يقبلها ويقول : يد مست يد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . وقال أيضاً : وأخبرني الحافظ أبو سعيد العلائي قال : رأيت في كلام أحمد بن حنبل في جزء قديم عليه خط ابن ناصر وغيره من الحفاظ أنّ الإمام أحمد سئل عن تقبيل قبر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وتقبيل منبره ؟ فقال : لا بأس بذلك . قال : فأريناه للشيخ تقي الدين ابن تيمية ، فصار يتعجب من ذلك ويقول : عجبت أحمد عندي جليل يقوله ؟ هذا كلامه أو معنى كلامه . وقال : وأي عجب في ذلك وقد روينا عن الإمام أحمد أنّه غسل قميصاً للشافعي وشرب الماء الذي غسل به . وإذا كان هذا تعظيمه لأهل العلم فكيف بمقادير الصحابة ؟ وكيف بآثار الأنبياء - عليهم الصّلاة والسّلام - ؟ ولقد أحسن مجنون ليلى حيث يقول : أمر على الديار ديار ليلى * أقبل ذا الجدار وذا الجدار وما حبّ الديار شغفن قلبي * ولكن حبّ من سكن الديارا وقال المحب الطبري : ويمكن أن يستنبط من تقبيل الحجر واستلام الأركان جواز تقبيل ما في تقبيله تعظيم الله تعالى ، فإنّه إن لم يرد فيه خبر بالندب لم يرد بالكراهة . قال : وقد رأيت في بعض تعاليق جدي محمّد بن أبي بكر ، عن الإمام أبي عبد الله محمّد بن أبي الصيف : إنّ بعضهم إذا رأى المصاحف قبلها ، وإذا رأى أجزاء الحديث قبلها ، وإذا رأى قبور الصالحين قبلها . قال : ولا يبعد هذا . . " . وقال الزركلي في البرهان 1 : 478 : " ويستحب تقبيل المصحف ; لأنّ عكرمة بن أبي جهل كان يقبله وبالقياس على تقبيل الحجر الأسود ; ولأنه هدية لعباده فشرع تقبيله . . " . فقاس جواز تقبيل المصحف على جواز تقبيل الحجر الأسود ، ومن الواضح - بناء على كلام الخميس - تقبيل الحجر ذريعة إلى الشرك ، ولكن الله أمر بها والنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فعلها ، فيبقى الاشكال على تجويز الله تعالى لذرائع الشرك بناءً على قياس الخميس وغيره . هذا مضافاً إلى أنّ الأدلة الشرعية جوزت تقبيل قبر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وزيارته ، ففي مسند أحمد 5 : 422 : " قال : أقبل مروان يوماً فوجد رجلاً واضعاً وجهه على القبر ، فقال : أتدري ما تصنع ؟ فأقبل عليه ، فإذا هو أبو أيوب . فقال : نعم ، جئت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ولم آت الحجر ، سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله ، ولكن أبكوا عليه إذا وليه غير أهله " ، وأخرجه الحاكم في المستدرك 4 : 515 وصححه ، والهيثمي في مجمع الزوائد 5 : 245 . وفي تنوير الحوالك للسيوطي : 13 : " عن علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه - قال : قدم علينا إعرابي بعد ما دفنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بثلاثة أيّام ، فرمى بنفسه على قبر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وحثا من ترابه على رأسه وقال : يا رسول الله ، قلت فسمعنا قولك ، ووعيت عن الله تعالى ، فوعينا عنك ، وكان فيما أنزل الله تعالى عليك ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَاؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللهَ تَوَّاباً رَّحِيماً ) ( النساء : 64 ) وقد ظلمت نفسي ، وجئتك لتستغفر لي فنودي من القبر : إنه قد غفر لك " . وارجع إلى كنز العمال 2 : 386 و 4 : 259 ، تفسير الثعلبي 3 : 339 ، تفسير القرطبي 5 : 266 ، تفسير البحر المحيط 3 : 296 ، دفع الشبهة عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : 142 . وفي المعجم الكبير للطبراني 12 : 310 عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : " من زار قبري بعد موتي كان كمن زارني في حياتي " . وغير ذلك من الروايات الكثيرة ، ومن شاء المزيد فعليه بمراجعة كتاب شفاء السقام للسبكي وغيره . وأما كلمات العلماء فإليك بعض منها : قال النووي في الأذكار : 204 : " إعلم أنه ينبغي لكُلّ من حجّ أن يتوجه إلى زيارة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، سواء كان ذلك طريقه أو لم يكن ، فإنّ زيارته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من أهّم القربات ، وأربح المساعي ، وأفضل الطلبات . فإذا توجه للزيارة أكثر من الصلاة عليه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في طريقه ، فإذا وقع بصره على أشجار المدينة وحرمتها وما يعرف بها زاد من الصلاة والتسليم عليه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وسأل الله أن ينفعه بزيارته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأن يسعده بها في الدارين . وليقل : اللّهم افتح عليّ أبواب رحمتك ، وارزقني في زيارة قبر نبيّك ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ما رزقت أولياءك وأهل طاعتك . . فإذا صلى تحية المسجد أتى القبر الكريم فاستقبله واستدبر القبلة على نحو أربع أذرع من جدار القبر وسلم مقتصداً لا يرفع صوته فيقول : السّلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك يا خيرة الله من خلقه . . " . وقال ابن قدامة في المغني 3 : 588 : " ويستحب زيارة قبر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، كما روى الدارقطني باسناده عن ابن عمر قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من حج فزار قبري بعد وفاتي فكأنّما زارني في حياتي . وفي رواية : من زار قبري وجبت له شفاعتي . . " . وقال الشوكاني في نيل الأوطار 5 : 178 : " لم يذكر المصنف - رحمه الله تعالى - في كتابه هذا زيارة قبر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وكان الموطن الذي يحسن ذكرها فيه كتاب الجنائز ، ولكنّها لمّا كانت تفعل في سفر الحج في الغالب ذكرها جماعة من أهل العلم في كتاب الحج ، فأحببنا ذكرها هنا تكميلاً للفائدة . وقد اختلفت فيها أقوال أهل العلم ، فذهب الجمهور إلى أنّها مندوبة ، وذهب بعض المالكية وبعض الظاهرية إلى أنّها واجبة . وقالت الحنفية : إنّها قريبة من الواجبات . وذهب ابن تيمية الحنبلي حفيد المصنف ، المعروف بشيخ الإسلام إلى أنّها غير مشروعة ، وتبعه على ذلك بعض الحنابلة ، وروي ذلك عن مالك والجويني والقاضي عياض كما سيأتي . احتج القائلون بأنّها مندوبة بقوله تعالى : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَاؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ ) سورة النساء : 64 . ووجه الاستدلال بها : أنّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حي في قبره بعد موته كما في حديث : " الأنبياء أحياء في قبورهم " وقد صححه البيهقي ، وألف في ذلك جزءاً . قال الأستاذ أبو منصور البغدادي : قال المتكلمون المحققون من أصحابنا : إنّ نبينا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حي بعد وفاته ، انتهى . ويؤيد ذلك ما ثبت أنّ الشهداء أحياء يرزقون في قبورهم ، والنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) منهم ، وإذا ثبت أنه حي في قبره كان المجيء إليه بعد الموت كالمجئ إليه قبله ، ثلاث . . وقال في الإقناع 1 : 192 : " ويندب زيارة القبور التي فيها المسلمون للرجال بالاجماع ، وكانت زيارتها منهياً عنها ، ثُمّ نسخت بقوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، ويكره زيارتها للنساء ، لأنّها مظنة لطلب بكائهن ورفع أصواتهن . نعم ، يندب لهن زيارة قبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فإنّها من أعظم القربات ، وينبغي أن يلحق بذلك بقية الأنبياء والصالحين والشهداء " . وقال في مغني المحتاج 1 : 365 : " أما زيارته فمن أعظم القربات للرجال والنساء . والحق الدمنهوري به قبور بقيّة الأنّبياء والصالحين والشهداء " . وقال ابن كثير في البداية والنهاية 14 : 143 : " فان جوابه على هذه المسألة ليس فيه منع وإنما فيه ذكر قولين في شدّ الرحل والسفر إلى مجرد زيارة القبور ، وزيارة القبور من غير شدّ رحل إليها مسألة ، وشدّ الرحل لمجرد الزيارة مسألة أخرى ، والشيخ لم يمنع الزيارة الخالية عن شد رحل ، بل يستحبها ويندب إليها ، وكتبه ومناسكه تشهد بذلك . . . " . وقال في تطهير الفؤاد : 55 : " فصل : ويستحب زيارة قبر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . وذكر حديث ابن عمر من طريق الدارقطني ، ومن طريق سعيد بن منصور عن حفص وحديث أبي هريرة من طريق أحمد : ما من أحد يسلم عليَّ عند قبري . وكذلك نصّ عليه المالكية ، وقد تقدم حكاية القاضي عياض بالإجماع . وفي كتاب تهذيب الطالب لعبد الحق الصقلي عن الشيخ أبي عمران المالكي أنّ زيارة قبر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) واجبة . قال عبد الحقّ : يعني من السنن الواجبة . . " .

331

نام کتاب : ثم اهتديت ( محققة ) نویسنده : الدكتور محمد التيجاني    جلد : 1  صفحه : 331
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست