responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ثم اهتديت ( محققة ) نویسنده : الدكتور محمد التيجاني    جلد : 1  صفحه : 325


يحكموا على إخوانهم من الشيعة بأنّهم مخطئون في بكائهم على سيّد الشهداء ، وقد عاشوا محنة الحسين وما زالوا يعيشونها حتّى اليوم ، وقد بكى رسول الله نفسه على ابنه الحسين وبكى جبريل لبكائه [1] .



[1] إنّ مقام الحسين ( عليه السلام ) ومنزلته تأتي من منزلة ومقام جدّه النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فقد ورد في حقه على لسان جده المصطفى ( صلى الله عليه وآله ) : " حسين منّي وأنا من حسين ، أحب الله من أحب حسيناً ، حسين سبط من الأسباط " مسند أحمد 4 : 172 ، سنن ابن ماجة 1 : 51 ، وحكم المحقق بوثاقة رجاله ، سنن الترمذي 5 : 324 وحسنه ، المستدرك للحاكم وصححه 3 : 177 ، مجمع الزوائد 9 : 181 ، المصنف لابن أبي شيبة 7 : 515 ، صحيح ابن حبان 15 : 428 . وقال الرسول ( صلى الله عليه وآله ) : " الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة " مسند أحمد 3 : 3 ، سنن ابن ماجة 1 : 44 ، سنن الترمذي 5 : 321 . وقال النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) : " هما ريحانتاي من الدنيا " يعني الحسن والحسين صحيح البخاري 4 : 217 ، كتاب الفضائل ، سنن الترمذي 5 : 322 وحكم بحسنه ، مسند أبي داود الطيالسي : 261 ، مسند أبي يعلى 10 : 106 . وعن عطاء أنّ رجلاً أخبره : " أنّه رأى النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) يضم حسناً حسيناً ويقول : اللهم إنّي أحبهما فأحبّهما " مسند أحمد 5 : 369 ، مجمع الزوائد 9 : 179 وقال : " رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح " . والحسين ( عليه السلام ) صاحب مقام عال لا يضاهيه أحد من الصحابة والمسلمين لما قدّمه من نصرة للدين ، وإحياء لشرع الله تبارك وتعالى ، فالحزن عليه ليس بدعاً أو أحدوثة ، وإنّما هي أمر قبل أن يكون مشروعاً عقلائياً للمأساة التي وقعت عليه ، مضافاً إلى أنّ الأنبياء ( عليهم السلام ) حزنوا على أبنائهم لما أصابهم في حياتهم فهذا نبي الله يعقوب ( عليه السلام ) يحزن على يوسف ( عليه السلام ) حتّى قال تعالى في وصفه : ( وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ) يوسف : 84 ، مع أن يوسف ( عليه السلام ) لم يقع إلاّ في مصائب أقل بكثير مما وقع فيه الحسين ( عليه السلام ) ، فهو لم يذبح ، ولم تسبى نساؤه ، ولم يطاف به في البلدان ومع ذلك حزن عليه يعقوب ( عليه السلام ) إلى أن أبيضت عيناه وأصبح أعمى . وكذلك النبي محمّد ( صلى الله عليه وآله ) بكى وحزن ، فقد بكى على جعفر وزيد في مؤتة ، وبكى عند موت إحدى بناته ، وقوله لما سمع النساء يبكين قتلاهنّ في معركة أحد : " ولكن حمزة لا بواكي له " . فالبكاء والحزن أمر مشروع يجوز للانسان أن يقوم به تأسياً بالأنبياء ( عليهم السلام ) . أضف إلى ذلك إلى أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) أقام مآتم عديدة للبكاء على الحسين ( عليه السلام ) من يوم ولادته ففي مجمع الزوائد 9 : 187 : " عن أنس بن مالك أن ملك القطر أستأذن أن يأتي النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فأذن له ، فقال لأُمّ سلمة : أملكي علينا الباب ، لا يدخل علينا أحد . قال : وجاء الحسين بن علي ليدخل ، فمنعته ، فوثب فدخل ، فجعل يقعد على ظهر النبي ( صلى الله عليه وآله ) وعلى منكبه وعلى عاتقه . قال : فقال الملك للنبي ( صلى الله عليه وآله ) : أتحبه ؟ قال : نعم . قال : إن أمتك ستقتله ، وإن شئت أريتك المكان الذي يقتل به ، فضرب بيده ، فجاء بطينة حمراء فأخذتها أُمّ سلمة فصرتها في خمارها . قال ثابت : بلغنا أنّها كربلاء " . وفي المجمع أيضاً 9 : 187 : " وعن نجي الحضرمي : أنّه سار مع علي ( رضي الله عنه ) ، وكان صاحب مطهرته ، فلمّا حاذى نينوى ، وهو منطلق إلى صفين ، فنادى علي : اصبر أبا عبد الله ، أصبر أبا عبد الله ، بشط الفرات . قلت : وما ذاك ؟ قال : دخلت على النبي ( صلى الله عليه وآله ) ذات يوم ، وإذا عيناه تذرفان . قلت : يا نبي الله ، أغضبك أحد ؟ ما شأن عينيك تفيضان ؟ قال : بل قام من عندي جبريل ( عليه السلام ) فحدثني أنّ الحسين يقتل بشط الفرات . قال : فقال : هل لك أن أُشمك من تربته ؟ قلت : نعم . قال : فمّد يده ، فقبض قبضة من تراب فأعطانيها ، فلم أملك عيني أن فاضتا " . وفي مصنف ابن أبي شيبة 8 : 632 : " قالت أُم سلمة : دخل الحسين على النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأنا جالسة على الباب ، فتطلعت فرأيت في كف النبي ( صلى الله عليه وآله ) شيئاً يقبله وهو نائم على بطنه ، فقلت : يا رسول الله ، تطلعت فرأيتك تقلّب شيئاً في كفك والصبي نائم على بطنك ودموعك تسيل ؟ فقال : إنّ جبرئيل أتاني بالتربة التي يقتل عليها ، وأخبرني أن أُمتي يقتلونه " . وفي المعجم الكبير للطبراني 3 : 108 بسنده عن عائشة قالت : " قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : يا عائشة ألا أعجبك لقد دخل عليّ ملك آنفاً ما دخل عليّ قط . فقال : إنّ ابني هذا مقتول ، وقال : إن شئت أريتك تربة يقتل فيها ، فتناول الملك بيده فأراني تربة حمراء " . وفي مجمع الزوائد 9 : 189 عن أُم سلمة قالت : " كان الحسن والحسين يلعبان بين يدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في بيتي ، فنزل جبريل فقال : يا محمّد ، إن أُمتك تقتل ابنك هذا من بعدك ، وأوما بيده إلى الحسين ، فبكى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وضمه إلى صدره ، ثُمّ قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا أُم سلمة ، وديعة عندك هذه التربة ، فشمها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقال : ويح كرب وبلاء . قال : وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا أُم سلمة إذا تحولت هذه التربة دماً فاعلمي أنّ ابني هذا قد قتل . قال : فجعلتها أُم سلمة في قارورة ، ثُمّ جعلت تنظر إليها كُلّ يوم وتقول : إنّ يوماً تحولين دماً ليوم عظيم " . إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة التي تشير إلى نزول ملك خاصّ من السماء على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لأجل هذه القضية ، أو نزول جبرئيل ( عليه السلام ) وحزن النبي ( صلى الله عليه وآله ) وبكائه على ابنه وهو في المهد صبياً ، والمجيء بترابه إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وايداعه أُم سلمة - رضي الله عنها - ، وانقلاب التراب دماً عبيطاً إلى غير ذلك من الأمور الكثيرة التي تبين أن البكاء على الحسين ( عليه السلام ) والحزن لأجله من الأمور المشروعة التي قام بها صاحب الشرع جدّه المصطفى ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، واقتدت الشيعة به . ولأجل ذلك قال ابن كثير في البداية والنهاية 8 : 221 : " فكُلّ مسلم ينبغي له أن يحزنه قتله ( رضي الله عنه ) ، فإنّه من سادات المسلمين ، وعلماء الصحابة ، وابن بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) التي هي أفضل بناته ، وقد كان عابداً وشجاعاً وسخياً . . " . وللمزيد من الاطلاع على مشروعية المأتم الحسيني ارجع إلى كتاب سيرتنا وسنتنا للعلامة الأميني ( رحمه الله ) .

325

نام کتاب : ثم اهتديت ( محققة ) نویسنده : الدكتور محمد التيجاني    جلد : 1  صفحه : 325
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست