زمانه هو الأعلم والأفهم بالدين ، والأقرب للّه ولرسوله ، وأصلح وأفضل المسلمين .
كيف واجه أول الأئمة واقعه ؟
لا ريب ان قاده التحالف نصبوا خليفة بديل ، ولا ريب بأنهم قد تجاهلوا البيان النبوي المتعلق بالقيادة من بعد النبي تجاهلا كاملا أو اولوه بما يتفق مع مقاصدهم ولا ريب بان الأكثرية الساحقة من افراد المجتمع معهم أو حشدت معهم ، لان الأقلية الصامتة اختارت العافية ، وانحنت في النهاية امام العاصفة لقد سمع الإمام في ما بعد ان الأنصار قد قالت لقادة التحالف :
( لا نبايع الا عليا ) ، أو ان بعض الأنصار قد قالوا :
( لا نبايع الا عليا ) ( 1441 ) ، وقال ابن الأثير :
ان الأنصار قد قالت هذا بعد ان بويع لأبي بكر ( 1442 ) ، وسمع الإمام بقول المنذر بن الأرقم لقادة التحالف في السقيفة :
( ان فيكم لرجل لو طلب هذا الأمر لم ينازعه أحد يعنى الإمام على ) ، وسمع الإمام على قول بشير بن سعد له :
( لو أن هذا الكلام سمعته منك الأنصار قبل بيعتها لأبي بكر ما اختلف عليك اثنان ) ( 1443 ) .
وسواء اجاءت هذه الأقوال قبل البيعة أو بعد البيعة فإنها لا تؤثر على الواقع المفروض ولا تغير حقيقة بان الأكثرية الساحقة من افراد المجتمع نصبوا خليفة بديل في غياب الإمام الشرعي ، وان هذه الأكثرية الساحقة تقف وبكل عزم وحزم خلف خليفتها الجديد رغبه أو رهبه ، وتشعر هذه الأكثرية بأنها مشتركه بتنصيب هذا الخليفة الجديد ، مثلما تشعر بأنه الغالب لا محاله ، وان من مصلحتها الوقوف معه لتحمى مصالحها وليشركها الحكم الجديد في مغانمه ويجنبها شر المغارم .
وسيان أخطأت هذه الأكثرية في موقفها أم أصابت وخالفت البيان النبوي أو وافقته فان هذا لن يغير الواقع الذي صار حقيقة من حقائق المجتمع .

1441 - تاريخ الطبري ، 3 / 208 وطبعه أوروبا 1 / 1818 . 1442 - تاريخ ابن الأثير 2 / 113 . 1443 - الإمامة والسياسة لابن قتيبة 1 / 12 .

607