سبيل الظن والتخمين ، والظن والتخمين لا يصلحان أساسا للاحكام التي تنشأ مراكزا حقوقية للانسان أو عليه .
ومع أن اللّه سبحانه وتعالى يعلم حقائق وخفايا هذا الباطن الا انه الزم نفسه العادلة بإقامة الحجة المناسبة على المكلف يوم القيامة ، قد ينكر الانسان انه قد اقترف هذا الفعل أو ذاك يوم القيامة ، ويحلف بأغلظ الايمان عندئذ يكلف اللّه يد الانسان ورجله ليشهدا بواقع الحال ، فينطقهم اللّه تعالى ويشهدوا على الانسان بما فعل ، وبالفعل فإنه لا يعلم حقيقة ما في النفس البشرية الا اللّه وصاحبها .
ومن هنا فحسب موازين العدل الإلهي التي يأخذ بها النبي ودولته فلا سلطان لمحمد على التحالف ما داموا مظهرين لشهادة ان لا اله الا اللّه وان محمدا رسول اللّه ، والتحالف بالاجماع مظهر لهاتين الشهادتين .
هذه أمور تدرك بروح الدين الحنيف ، وبالفارق الجوهري بين الدولة النبوية والدولة الوضعية ومع هذا وضح النبي هذه الناحية عندما رجع من غزوه تبوك وكشف له الوحي عن مؤامرة المنافقين على قتله ، ومع هذا لم يعاقب المنافقين المتآمرين على قتله لأنه لا يملك الدليل ( 721 ) .
قيام التحالف بين مجموعات تظهر الشهادتين ، وإشاعة الاتفاق والائتلاف بينها لا يكفى لإدانه هذا التحالف ، فظاهريا التحالف والائتلاف وإشاعة المحبة والاتفاق مظاهر شريفه ومحمودة ولا يملك النبي وكونه رئيس للدولة ان يدخل إلى منطقه الباطن المحرم عليه دخولها حتى لا يخدش قيمه العدل الإلهي الذي امر النبي وامر المؤمنون بإشاعته في المجتمع ، فإذا عدى النبي على هذه القيمة المطلقة يهون على أي كان في ما بعد ان يستخف بها .
حصول الاتفاق الجرمي ، انا وأنت ، وغيرنا مقتنعون ان الاتفاق الجرمي نفسيا حاصل عند التحالف ، فاللّه سبحانه وتعالى امر نبيه ان ينصب علي بن أبي طالب اماما للأمة من بعد النبي ، واختص ذريه النبي بالإمامة ، وأعطاهم مركزا مميزا ليقودوها ضمن اطار الشرعية والمشروعية وهذا التنصيب والاختصاص تكليف بالدرجة الأولى ، فلا أحد بالكون كله يحسن قيادة الأمة بكفاءة أئمة أهل

721 - المغازي للواقدي 3 / 1043 ، 1044 تجد تفصيل هذا النص ، وقد أشرنا إليه بالبحوث السابقة .

334