والغارمين وفى سبيل اللّه وابن السبيل فريضة من اللّه واللّه عليم حكيم ) ( 703 ) ، وبين الرسول الكريم هذه الآية بسنته الفعلية ، فطوال عهده المبارك وهو يعطى المؤلفة قلوبهم سهمهم الوارد في هذه الآية المحكمة ، ولما تولى أبو بكر الخلافة جاءوا إليه ليأخذوا سهمهم جريا على عادتهم مع الرسول ، فكتب لهم أبو بكر بذلك وذهبوا بكتابه إلى عمر ، فتناول عمر كتاب أبى بكر ومزقه وقال لأصحاب السهم :
لا حاجه لنا بكم ، فقد أعز اللّه الاسلام وأغنى عنكم ، فعادوا إلى أبى بكر وقالوا له :
أأنت الخليفة أم هو ؟ فقال :
أبو بكر بل هو ان شاء اللّه ( 704 ) .
ولا بد من التنويه بان رسول اللّه عندما اعطى للمؤلفة قلوبهم سهمهم الوارد في الآية المحكمة كان ينفذ امرا الهيا ، ومخصصا أعطاه اللّه لفئة معينه وهم المؤلفة قلوبهم ، وكان الاسلام عزيزا ، ولم يكن بحاجه للمؤلفة قلوبهم وفق موازين عمر وتفكيره ، فالاسلام كان عزيزا قبل ان يتولى أبو بكر وعمر الخلافة ، فقد جاء نصر اللّه وجاء الفتح والرسول على قيد الحياة ومع هذا كان الرسول يعطيهم ، لأن هذه ترتيبات ( العليم الحكيم ) ومحمد صلى اللّه عليه وآله وسلم عبد مأمور يتبع ما يوحى إليه وما يؤمر به ، ثم إن توزيع السهام بالطريقة الواردة في الآية المحكمة لا يعطى الخيرة للحاكم ، فكل فئه من الفئات الثمانية تأخذ حقها شاء الحاكم أم أبى ، لان الحاكم يحكم بما انزل اللّه وقد حدد تعالى على سبيل الحصر المستحقين للصدقات ، فليس من حق عمر ولا غير عمر ان يحذف أي فئه أو يحرمها من حقها وسهمها الذي خصها اللّه تعالى به ! !
ثم إن الاسلام لم يأت ليدخل العرب وجيران العرب فيه ، انما جاء إلى الجنس البشرى كله ومهمة الإمام ان يعمل خلال عهده على هدايه الجنس البشرى كله ، فسهم المؤلفة قلوبهم لا يتعلق بذات الاشخاص الذي عناهم عمر ، والذي لم يعد بحاجه إليهم انما هو متعلق بالصفة ذاتها ، فحاله التاليف بالمال لفئات معينه باقيه إلى يوم القيامة وليست متعلقه بزمن من الأزمان من جهة ، ومن جهة ثانيه فان الرسول قد بين

703 - سوره التوبة آية 60 . 704 - الجوهرة المنيرة على مختصر القندوزي الحنفي ص ، 164 والنص والاجتهاد للامام العاملي ص 42 وما فوق .

323