وجاء عثمان بن عفان فسار على سيره صاحبيه فكان أول مرسوم أصدره :
( بأنه لا يحل لمسلم يروى حديثا لم يسمع به في زمن أبى بكر وعمر ) ( 668 ) .
ما هو القصد من هذه الحملة المركزة ؟
أنت تلاحظ ان الخليفتين قد ركزا على القرآن الكريم تركيزا تاما بعد وفاه النبي ، واستبعدا الحديث النبوي استبعادا تاما ، فاحرق أبو بكر ما كان مكتوبا عنده ، وجمع عمر ما بأيدي الناس من الأحاديث المكتوبة عن رسول اللّه وقام بحرقها ! !
وركزا معا على شعار ( حسبنا كتاب اللّه ) أو ( بيننا وبينكم كتاب اللّه ) كما قال أبو بكر ، واعتبر أبو بكر ان رواية الأحاديث عن رسول اللّه تورث الاختلاف ، وان اقتناء أحاديث الرسول المكتوبة ليس مناسبا ويسبب الارق والقلق كما رددت عائشة ، مما دعى أبوها ان يحرق الأحاديث ال‌ 500 التي كتبها بنفسه عن رسول اللّه ! !
مما دعى عمر أيضا ان يناشد الناس ليأتوه بكل الأحاديث المكتوبة عندهم عن رسول اللّه ، فلما جاءوه بها امر بتمزيقها .
وسار عثمان على سياسة صاحبيه بهذا المجال ، فما هو القصد من هذه الحملة المركزة ؟ القصد من هذه الحملة المركزة هو التفريق بين الكتاب المنزل والنبي المرسل الذي بلغ هذا الكتاب وبينه ، واستبعاد الرسول من التأثير على الحدث السياسي أو الاحداث السياسية ! ! .
فعندما يتمسك الناس بالقرآن الكريم وحده ، ويتجاهلون ويحرقون بيان النبي لهذا القرآن ، فإنهم بعملهم هذا يلغون كافه النصوص النبوية التي بينت هذا القرآن ، فالقرآن الكريم أشار للصلاة مجملا ولكنه لم يبين كيفية هذه الصلاة ، وجاء النبي فبينها بيانا تفصيليا ، كذلك فان القرآن الكريم أشار إشارات مجمله للأمور المتعلقة بالإمامة والقيادة خلال حياه النبي وبعد وفاته ، فجاء الرسول وبين هذه الأمور بيانا تفصيليا .
كذلك فان القرآن الكريم تناول النواحي المالية فأجملها اجمالا ، فقام

668 - منتخب الكنز بهامش مسند أحمد 4 / 64 .

309