الكذب على الناس ، وكانت بطون قريش مجتمعه تلقبه بالأمين لصدقه وأمانته ورجاحة عقله ( 374 ) ، وقد عاش النبي بين البطون ، وأيقنت بنبله وشرفه وتميزه ، ثم إن محمدا سليل عبد اللّه ، وعبد اللّه سليل عبد المطلب ، وعبد المطلب سليل هاشم ، وهاشم سليل عبد مناف ، وهؤلاء سادات قريش وأشرافها وحكماؤها ، فهل يعقل ان يكذب من كانت هذه صفاته على الكبر بعد ان بلغ أربعين عاما ! !
وهل يعقل ان يكون كذبه على اللّه تعالى ! !
ان بطون قريش مقتنعة باستحالة ذلك وهى ترى ان محمدا سويا ليس به جنه ، ويزداد كل يوما تألقا ورجاحة وبهاء .
لكن بطون قريش تكره ان يكون النبي من بني هاشم ، وان يختص الهاشميون بشرف النبوة من دون بطون قريش ، ودافع البطون الحقيقي هو الحسد لبني هاشم والخوف على مصالحها ( 375 ) .
وللتعبير عن حقيقة دافعها هذا وضعت البطون أصابعها في آذانها ، وتجاهلت صوت العقل والمنطق ، وأصرت على متابعه دعاياتها المختلفة الفاشلة ، وشكلت فرقه من المستهزئين بمبلغ الرسالة منهم الوليد بن المغيرة والد خالد بن الوليد ، والعاص بن وائل والد عمرو بن العاص ، وعقبه بن أبي معيط والد الوليد بن عقبه ، والحكم بن العاص جد ملوك بنى أمية ووالد مروان بن الحكم باني المملكة الأموية ، وعم عثمان بن عفان ( 376 ) واستعانت هذه الفرقة بمحدثين كالنضر بن الحرث الذي كان يحدث قريش عن اخبار ملوك فارس وهو عليم بها ( 377 ) وذلك لغايات صد الناس عن محمد ، وصدهم عن السماع له أو الانصات

374 - تاريخ الطبري 2 / 41 وسيره الرسول وأهل بيته 1 / 35 . 375 - ولقد كشف الخليفة عمر بن الخطاب حقيقة هذا الدافع بعد وفاه الرسول وعب ر عنه أصدق تعبير تاريخ ابن الأثير 3 / 24 آخر سيره عمر من حوادث سنه ، 23 وشرح النهج لعلامة المعتزلة ابن أبي الحديد ، 2 / 107 ، 3 / 97 وأورده في أحوال عمر آخر ج ، 3 وأخرج المحاورة الإمام أبو الفضل احمد ، بن أبي الطاهر في تاريخ بغداد وكتبنا الخطط السياسية لتوحيد الأمة الاسلامية ص 411 والنظام السياسي في الإسلام ص ، 122 ونظرية عدالة الصحابة والمرجعية السياسية في الإسلام الفصل الأخير ( الانقلاب ) . 376 - السيرة الحلبية 1 / 316 322 وكتابنا النظام السياسي في الإسلام ص 220 . 377 - السيرة الحلبية 1 / 322 .

117