نام کتاب : المواجهة مع رسول الله ( القصة الكاملة ) نویسنده : أحمد حسين يعقوب جلد : 1 صفحه : 115
وهكذا فعلت القبائل فتناوله بيده الشريفة ووضع الحجر الأسود مكانه في البناء ، فرضيت البطون ، واكتشفت ان محمدا مع الأمانة حكيم . ولقد شاعت هذه الصفات مع غيرها من صفاته الكريمة ، فكل بطون قريش تعلم علم اليقين ان محمدا أمين وصادق وحكيم ، ولكنها تجاهلت يقينها ، وكيدا منها زعمت أنه ( حاشاه ) كاذب ، وساحر ، وكاهن ، ومجنون ، ومفتر على اللّه تعالى ، وجندت بطون قريش كل إمكانياتها لنشر أكاذيبها على رسول اللّه ، لتصد الناس عن دينه ، ولتفشل دعوته ونبوته ان استطاعت ، حتى لا يؤمن به أحد ، فقلبت بطون قريش الحقائق وأغرقتها في بحار من أكاذيبها إلى حين ، وتعمدت الكذب مع سبق الاصرار ، ولقد سجل القرآن الكريم الكثير من مطاعن هذه البطون بالنبي الأعظم : ( فذكر فما أنت بنعمت ربك بكاهن ولا مجنون أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون ) ( 370 ) ، ( وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون ) ( 371 ) . لم تكتف بطون قريش بقلب الحقائق وبطعونها الظالمة بشخصية الرسول إنما آذته أيضا بأفعال مادية تمجها الفطرة السليمة ، فعلى سبيل المثال : بينما كان النبي واقفا بين يدي اللّه مصليا ، ومعلنا عبوديته له في بيت اللّه الحرام الذي يأمن فيه الخائف ، رأته زعامة قريش على هذه الحالة فجمح بها طغيانها وأمرت غلاما ان يلقى فرثا وسلى قد استخرجوه من جزور مذبوح على ظهر النبي ، فنهض رسول اللّه من صلاته كسير الحال ، واخبر عمه أبا طالب بما جرى ، فغضب أبو طالب وتوشح بسيفه واقبل على زعامة البطون الجالسة حول الكعبة ، وقال مهددا : ( واللّه لا يتكلم منكم رجل الا ضربته ثم أمر غلامه فألقى الفرث والسلى على وجوه زعامة البطون ردا على ما فعلته بمحمد ) ( 372 ) . وقال القرطبي في تفسيره : ان أبا طالب لطخ بالفرث وجه عبد اللّه بن الزبعرى ، وهو الذي لطخ رسول اللّه .