حاولت لملمة النظارة فلم أفلح ، إذ انهالت الضربات علي من كل جانب ، ثم أمرنا بالوقوف في مواجهة الحائط والأيدي مرفوعة إلى أعلى ، وانهالت السياط على ظهورنا ، هذه يسمونها ( حفلة الاستقبال ) . ثم حلقوا لنا رؤوسنا بصورة مشوهة ، ثم قادونا إلى الزنادين بالسياط والركلات ، كان هذا في بداية فصل الشتاء ، وقد ألقي بنا في الزنازين على البلاظ معصوبي الأعين بعدما أخذوا ملابسنا . وكانت التعليمات تقتضي ببقاء العصابة على العيون حتى في داخل الزنزانة ، والوقوف انتباها لحظة دخول الجنود ، في مواجهة الحائط ، وتلقي السياط أو الركلات وفقا لما تيسر . كان هذا السجن أحد المواقع الأساسية للتحقيقات مع تنظيم الجهاد ، وكان التحقيق يبدأ يوميا بعد الساعة العاشرة مساء ولا ينتهي إلا مع طلوع الفجر ، حيث كنا في كل ليلة نسمع صراخ المحققين يطلبون من المعتقلين الاعتراف ، وصراخ المعتقلين تحت التعذيب . أما عن أسلوب التعامل معنا في المعتقل فالعنوان الأبرز هو انعدام الإنسانية . الحيرة . . وهكذا مضى عام كامل علي في ذلك المعتقل غير الإنساني ، الذي كانت فيه أبسط حقوقنا الإنسانية مسلوبة . بيد أن الله تبارك وتعالى أنزل علينا صبرا ، ووفقني لحفظ القرآن الكريم .