القليل منها ) عن وليّها وقائدها الحقيقي ، وجرَّهم إلى معاداته والبراءة منه ، وألبس لهم الباطل بالحقّ ، وجعلهم يعتقدون بأنّهم هم « أهل السنّة » ، وأنّ من والى عليّاً واتّبعه فهو خارجي وصاحب بدعة . وإذا كان الإمام أمير المؤمنين عليّ ( عليه السلام ) وما أدراك ، يُلعن فوق المنابر ويتقرَّب إلى الله بسبّه ولعنه ، فما بالك بالشيعة الذين اتبعوه ، فقد منعوا عطاءهم ، وحرّقوا عليهم ديارهم ، وصلبوهم على جذوع النخل ، ودفنوهم أحياء ، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم . إنّ معاوية في نظري هو حلقة من سلسلة المؤامرة الكبرى وفصل من فصولها ، ولكنّه نجح أكثر من غيره في طمس الحقائق و تقليبها ظهراً على عقب ، وأرجع الأُمّة إلى الجاهليّة الأُولى في لباس الإسلام . وتجدر الإشارة بأنّه كان أدهى ممّن سبقه من الخلفاء ، فكان ممثلا بارعاً يجيد التمثيل ، فيبكي في بعض الأحيان حتى يؤثّر في الحاضرين ، فيعتقدون أنّه من الزهاد العباد المخلصين ، ويقسو ويتجبّر أحياناً أُخرى حتى يخيل إلى الحاضرين أنّه من أكبر الملحدين ، ويظنّ البدوي بأنّه رسول الله ! ولا بدّ لإتمام البحث أن نعرف من خلال رسالة محمّد بن أبي بكر التي وجهها إليه وردّه عليها مدى مكره ودهائه ، كما سنعرف من خلال الرسالتين حقائق لا غنى للباحثين من الوقوف عليها .