إذا مات محمّد تزوّجت عائشة بنت عمّي . فأراد الله سبحانه أنْ يقول للمؤمنين بأنّ نساء النبيّ حرامٌ عليكم نكاحهنّ كحرمة أُمّهاتكم . مع العلم بأنّ عائشة كانت عقيماً فلم تحمل ولم تخلّف ، وكانت من أكبر الشخصيات التي عرفها تاريخ المسلمين ، إذ إنّها لعبتْ أكبر الأدوار في تقريب البعض من الخلافة وإبعاد البعض عنها ، وعملت على تزكية قوم وإقصاء آخرين . وشاركت في الحروب ، وقادت المعارك والرجال ، وكانت تبعث بالرسائل لرؤساء القبائل ، وتأمر وتنهى ، وتعزل أُمراء الجيوش وتؤمّر آخرين ، وكانت قطب الرحى في معركة الجَمَل ، وعمل طلحة والزبير تحت قيادتها . ونحن لا نريدُ الإطالة في سرد أدوار حياتها ، فقد وافَيْنا البحث عنها في كتاب « فاسألوا أهل الذكر » فعلى الباحثين مراجعته إن أرادوا معرفة ذلك . ولكنّ الذي يهمّنا في هذا البحث هو اجتهادها وتغييرها لسنّة النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ولا بدّ من إبراز بعض الأمثلة لكي نفهم من خلال سلسلة هؤلاء « العظماء » الذين هم مفخرة « أهل السنّة والجماعة » ، والذين يقتدون بهم ويقدّمونهم على الأئمّة الطاهرين من عترة النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . وليس ذلك في الحقيقة إلاّ نزعة قبليّة عملتْ على محق السنّة النبويّة ، وطمس معالمها وإطفاء نورها ، لولا وقوف علي والأئمة من ولده لما وجدنا اليوم من سنّة النبيّ شيئاً يُذكر . وكما عرفنا بأنّ عائشة لم تمتثل لسنّة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولم تقم لها وزناً ،