منها بقتل مَن يتخلّف عنها خوفاً من الفتنة ؟ وقد بايع سعدٌ لعثمان وانحاز إليه بدون شرط ، وسمع عبد الرحمان بن عوف يُهدّد علياً مسلِّطاً السيف فوق رأسه قائلا : فلا تجعل على نفسك سبيلا فإنّه السيف لا غير ( 1 ) . وكان حاضراً لما امتنع عليّ عن بيعة أبي بكر ، فهدّده عمر بن الخطّاب وقال له : بايع وإلاّ والله الذي لا إله إلاّ هو نضرب عنقك ( 2 ) . وهل جرّأ المتخلّفين عن البيعة ، والذين تطاولوا على وصيّ النبيّ أمثال عبد الله بن عمر ، وأُسامة بن زيد ، ومحمّد بن مسلمة ، إلاّ تخلّف سعد بن أبي وقّاص ؟ وإنّك تلاحظ أنّ الاشخاص الخمسة الذين عيّنهم عمر بن الخطّاب لمنافسة علي في الخلافة قد لعبوا بالضبط الدور الذي رسمه لهم ابن الخطّاب ، وهو منع علي من الوصول إليها ، فهذا عبد الرحمان يختار للخلافة صهره عثمان ، ويهدّد عليّاً بالقتل إن لم يُبايع ، كلّ ذلك لأنّ عمر رجّح كفّة عبد الرحمان على الباقين ، وبعد موت عبد الرحمان بن عوف ومقتل عثمان ابن عفّان لم يبق من المنافسين لعلي في الخلافة إلاّ ثلاثة طلحة والزبير وسعد . ولمّا رأى هؤلاء بأنّ المهاجرين والأنصار هرعوا للإمام علي وبايعوه ولم يلتفتوا لأيّ واحد منهم ، عند ذلك أضمروا له الشرّ وأرادوا به الهموم ،
1 - الإمامة والسياسة لابن قتيبة 1 : 45 في بيعة عثمان . 2 - الإمامة والسياسة لابن قتيبة 1 : 30 في بيعة عليّ ( عليه السلام ) .