ولم يقبلوا بها ، واعتبروها اغتصاباً لحقِّ أهل البيت ، فكان الحكّام وعلى مرّ العصور يوهمونَ العامّة بأنّ الشيعة رافضون للإسلام ، بل يريدون هدمه والقضاء عليه ، كما عبّر عن ذلك بعض الكتّاب والمؤرّخين ممّن يدّعي العلم من السابقين واللاّحقين . وإذا رجعنا إلى لعبة تلبيس الحقّ بالباطل ، فسندرك بأنّ هناك فرقاً بينَ مَنْ يُريد هدم الإسلام ، وبين مَنْ يريد هدم الحكومة الجائرة الفاسقة التي تعمل ضدّ الإسلام . فالشيعة لم يخرجوا على الإسلام ، إنّما خرجوا على الحكّام الجائرين ، وهدفهم إرجاع الحقّ إلى أهله لإقامة قواعد الإسلام بالحاكم العادل ، وعلى كلّ حال فالذي عرفناه خلال البحوث السابقة من كتاب « ثمّ اهتديت » ، و « مع الصادقين » ، و « أهل الذكر » ، أنّ الشيعة هم الفرقة الناجية ; لأنّهم تمسّكوا بالثّقلين : كتاب الله وعترة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . وإذا أنصفنا المنصفين ، فإنّ البعض من علماء « أهل السنّة » يعترف بهذه الحقيقة ، فقد قال ابن منظور في كتابه « لسان العرب » في تعريف الشيعة : « والشيعة هم : قومٌ يهوون هوى عترة النبيّ ويوالونهم » ( 1 ) . كما يقول الدكتور سعيد عبد الفتاح عاشور بعد استعراض هذا المقطع من الكتاب المذكور : « وإذا كان الشيعة هم الذين يهوون هوى عترة النبيّ ويوالونهم ، فَمَنْ من المسلمين يرفض أن يكون شيعيّاً ؟ ! » . هذا وقد ولّى عصر التعصّب والعداوة الوراثيّة ، وأقبل عهد النور والحرية