وحتى إذا رجعنا للمرجع الكبير المعاصر الشهيد آية الله محمّد باقر الصدر - رضوان الله عليه - نجده في رسالته العملية لفقه العبادات والمعاملات في الفتاوى الواضحة يقول حرفياً : « ونرى من الضروري أن نشير أخيراً بصورة موجزة إلى المصادر التي اعتمدناها بصورة رئيسية في استنباط هذه الفتاوى الواضحة ، وهي كما ذكرنا في مستهل الحديث عبارة عن الكتاب الكريم ، والسنّة الشريفة المنقولة عن طريق الثقات المتورّعين في النقل مهما كان مذهبهم ( 1 ) . أمّا القياس والاستحسان ونحوهما فلا نرى مسوغاً شرعياً للاعتماد عليها . وأمّا ما يسمى بالدليل العقلي الذي اختلف المجتهدون والمحدّثون في أنّه هل يسوغ العمل به أولا ، فنحن وإن كنّا نؤمن بأنّه يسوغ العمل به ، ولكنّا لم نجد حكماً واحداً يتوقّف إثباته على الدليل العقلي بهذا المعنى ، بل كلّ ما يثبت بالدليل العقلي فهو ثابت في نفس الوقت بكتاب أو سنّة . وأمّا ما يسمّى بالإجماع فهو ليس مصدراً إلى جانب الكتاب والسنّة ، وإنّما لا يعتمد عليه إلاّ من أجل كونه وسيلة إثبات في بعض الحالات . وهكذا كان المصدران الوحيدان هما الكتاب والسنّة ، ونبتهل إلى الله أن يجعلنا من المتمسّكين بهما : « ومن استمسك بهما فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم » ( 2 ) .
1 - انظر إلى علماء الشيعة كيف يأخذون عن الثقات المتورّعين مهما كان مذهبهم ، وهو ردّ على القائلين بأنّ الشيعة لا يثقون بالصحابة ، وإنّما يرفض الشيعة حديث الصحابي إذا تعارض مع ما يرويه أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ( المؤلّف ) . 2 - الفتاوى الواضحة للشهيد محمد باقر الصدر : 15 .