responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الشيعة هم أهل السنة نویسنده : الدكتور محمد التيجاني    جلد : 1  صفحه : 152


كذلك نجد أنّ سبب انتشار مذهب أبي حنيفة بعد موته هو أنّ أبا يوسف والشيباني ( 1 ) ، وهما من أتباع أبي حنيفة ومن أخلص تلاميذه ، كانا في نفس


1 - أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم المعروف بأبي يوسف ، من أشهر تلاميذ أبي حنيفة ، وهو الذي نشر مذهب أبي حنيفة بواسطة تولّيه القضاء لثلاثة من خلفاء بني العباس المهدي وابنه ثمّ هارون الرشيد ، وهو أوّل من لقّب بقاضي القضاة في ملك هارون الرشيد ، وأخذ الرشيد يكرّمه ويجلّه ; لأنّه فقيه السلطة يفتيها حسبما تريد ، ويحلّل لها ما تشتهي وتحب ، فهذا هارون الرشيد تقع في نفسه جارية لعيسى صاحبه ، فيأبى عيسى أن يهبها أو يبيعها لهارون الرشيد ، لأنّه حلف بالطلاق والعتاق وصدقة جميع ماله على أن لا يبيع ولا يهب هذه الجارية ، فيبعث هارون الرشيد إلى أبي يوسف ليلا ، ليجد له حلا يلصقه بالشرع يستطيع من خلاله النوم في أحضان تلك الجارية ، ولم يتوان أبو يوسف في الافتاء على طبق هوى هارون الرشيد فيقول لهارون الرشيد : ليهب لك عيسى نصفها ويبيعك نصفها ، فلا يحنث في يمينه ; لأنّه لم يبع ولم يهب ! ! وبعد أن تصبح الجارية ملك هارون الرشيد أمير المؤمنين ! ! ببركة فقيه السلطة وقاضي قضاتها أبي يوسف ، وإذا بهارون الرشيد يقول : يا يعقوب بقيت واحدة . . هي مملوكة ولا بد أنّ تستبرأ ، وواللّه لئن لم أبت معها ليلتي هذه إنّي أظنّ أنّ نفسي ستخرج ! ! فيسرع فقيه السلطة أبو يوسف ليحلل لأمير المؤمنين هارون الرشيد تلك الجارية ، وإلاّ خرجت روح أميره ويبقى بلا أمير يثني عليه ويغدقه بالأموال الطائلة ، فيقول لهارون : يا أمير المؤمنين تعتقها وتتزوّجها ، فإنّ الحرّة لا تستبرأ ! ! ثمّ يسرع أبو يوسف ويزوّج تلك الجارية من هارون الرشيد حتى ينام في أحضانها بدلا من خروج روحه شبقاً بها . وعندما يرى هارون الرشيد أنّ فقيهه أبا يوسف حلّل له تلك الجارية ، ولم يقصّر في سعيه ، فيقول لخادمه مسرور : يا مسرور أحمل إلى يعقوب مائتي ألف درهم وعشرين تختاً ثياباً . وفي أحد الأيام تبعث زبيدة زوجة هارون الرشيد إلى أبي يوسف بكتاب تقول فيه : ما ترى في كذا ، وأحبّ الأشياء إليّ أن يكون الحقّ فيه كذا ! ! فلا يألو أبو يوسف في المسارعة فيما تهوى فيفتيها بما أحبت ! ! وفي المقابل تبعث إليه بحقّ فضة فيه حقاق فضة مطبقات ، في كلّ واحد لون من الطيب ، وفي جام دراهم وسطها جام فيه دنانير ! ! وفي أحد الأيام يجد هارون الرشيد شاباً من أهله يزني بامرأة ، فيغتم لذلك ; لأنّه أمير المؤمنين وظل اللّه في الأرضيين فلا يستطيع أن لا يقيم الحدّ عليه ولكنّه من أهله فلا يستطيع أن يقيم الحد ، فيغتم ، ويبعث في طلب فقيه يجلي غمّه عنه ، فيؤتى بأبي يوسف ، فيسأله : ما تقول في إمام شاهد رجلا يزني هل يحدّ ؟ وفي الحال يدرك أبو يوسف أنّ هارون الرشيد شاهد بعض أهله يزني ; لأنّه عند مجيئه لملاقاة هارون الرشيد شاهد شاباً عليه علامات الملوك محبوساً ، فلذلك يسرع أبو يوسف ليقول : لا ، ليس عليه حدّ ، فيسجد الرشيد شكراً للّه ، ويعلل ذلك لهارون الرشيد بأنّ النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : « ادرؤوا الحدود بالشبهات ) ، وهذه شبهة فيدرأ بها الحدّ . ويستغرب هارون من هذا الجواب فيقول : وأيّ شبهة مع المعاينة ؟ ! فيتفلسف فقيه السلطة بالجواب قائلا : ليس توجب المعاينة أكثر من العلم ، والحدود لا تكون بالعلم ! ! وهكذا يعطل حدّ اللّه لارضاء السلطان ، ويسرع هارون الجواري لأنّ يسجد شكراً للّه مرّة أُخرى ويملأ كيس أبي يوسف بالنقود ! ! ثمّ يقول أبو يوسف : « فما خرجت حتى جاءتني هدية الفتى وهدية أُمّه وجماعته ، وصار ذلك أصلا للنعمة ، ولزمت الدار ، فكان هذا الخادم يستفتيني وهذا يشاورني ، ولم يزل حالي يقوى عند الرشيد حتى قلّدني القضاء » . وبتقليده القضاء لهارون الجواري استطاع أن ينشر فقه أبي حنيفة ويفرض مذهبه بين الناس ، ولولاه لاندرس ذكر أبي حنيفة وما عرفه أحد . وأما حاله من حيث الرواية والعلم فهذا ابن معين يقول فيه : لم يكن يعرف الحديث . ويقول عبد اللّه بن إدريس : كان أبو حنيفة ضالا مضلا ، وأبو يوسف فاسقاً من الفاسقين . ويقول عبد اللّه بن أحمد : سألت أبي عن أسد بن عمرو وأبي يوسف ، فقال : أصحاب أبي حنيفة لا ينبغي أن يروى عنهم . راجع لجميع ما ذكرناه : وفيات الأعيان لابن خلكان 5 : 323 - 333 ، الضعفاء للعقيلي 4 : 1544 ، 2075 ، مناقب الإمام أبي حنيفة وصاحبيه أبي يوسف ومحمّد بن الحسن ، الذهبي : 37 وما بعدها . والشيباني : محمّد بن الحسن بن فرقد الشيباني ، ولد بالشام وقدم مع أبيه إلى العراق ، ونشأ في الكوفة وحضر عند أبي حنيفة ، ثمّ لازم أبا يوسف ، وتوسّط أبو يوسف في توليه القضاء ، ومعاونته في نشر مذهب أبي حنيفة في الرقة ، يقول الذهبي : « كان سبب مخالطة محمّد بن الحسن السلطان أن أبا يوسف القاضي شوور في رجل يولي قضاء الرقة ، فقال لهم : ما أعرف لكم رجلا يصلح غير محمّد بن الحسن ، فإن شئتم فاطلبوه من الكوفة قال : فأشخصوه . فلمّا قدم جاء إلى أبي يوسف فقال : لماذا أشخصت ؟ قال : شاوروني في قاضي الرقة فأشرت بك وأردت بذلك معنى أن اللّه قد بث علمنا هذا بالكوفة والبصرة وجميع المشرق ، فأحببت أن تكون بهذه الناحية ليبث اللّه علمنا بك ، وبما بعدها من الشامات » . مناقب الإمام أبي حنيفة وصاحبيه أبي يوسف ومحمّد بن الحسن ، الذهبي : 56 . وقد صنّف الشيباني كتابه السير الكبير وأرسله إلى هارون الرشيد . يقول السرخسي : ( أمر محمّد ( رحمه الله ) أن يكتب هذا الكتاب في ستين دفتراً ، وأن يحمل على عجلة إلى باب الخليفة ! ! فقيل للخليفة : قد صنّف محمّد كتاباً يحمل على العجلة إلى الباب ، فأعجبه ذلك وعدّه من مفاخر أيامه ، فلمّا نظر فيه ازداد اعجاباً به ، ثمّ بعث أولاده إلى مجلس محمّد ( رحمه الله ) ليسمعوا منه هذا الكتاب ) السير الكبير 1 : 3 . فأبو يوسف والشيباني هما اللذان نشرا مذهب أبي حنيفة بمباركة الملك العباسي هارون الرشيد ، وصار أصحاب حظوة عنده لتلبيتهما رغبات الخليفة ولو على حساب شرع اللّه سبحانه وتعالى .

152

نام کتاب : الشيعة هم أهل السنة نویسنده : الدكتور محمد التيجاني    جلد : 1  صفحه : 152
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست