responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الشيعة هم أهل السنة نویسنده : الدكتور محمد التيجاني    جلد : 1  صفحه : 150


السلطة والحكّام ، وسالمهم ومشى في ركابهم ، فأصبح بذلك الرجل المهاب والعالم المشهور ، وانتشر مذهبه بوسائل الترهيب والترغيب خصوصاً في الأندلس ، حيث عمل تلميذه يحيى بن يحيى على موالاة حاكم الأندلس ، فأصبح من المقرّبين ، وأعطاه الحاكم مسؤولية تعيين القضاة ، فكان لا يولي على القضاء إلاّ أصحابه من المالكيّة فقط ( 1 ) .


1 - قال ابن خلكان في وفيات الأعيان 5 : 117 في ترجمة يحيى بن يحيى : « قال أبو محمّد علي بن أحمد المعروف بابن حزم الأندلسي : مذهبان انتشرا في مبدأ أمرهما بالرياسة والسلطان : مذهب أبي حنيفة . . . ومذهب مالك بن أنس عندنا في بلاد الأندلس . . . » . وقال الذهبي في السير 10 : 524 : ( كان أمير الأندلس لا يولي أحداً القضاء بمدائن أقليم الأندلس إلاّ من يشير به يحيى بن يحيى ، فكثر لذلك تلامذة يحيى ابن يحيى ، وأقبلوا على فقه مالك ونبذوا ما سواه ) . وقال الشاه ولي اللّه الدهلوي في حجّة اللّه البالغة 1 : 283 « فأيّ مذهب كان أصحابه مشهورين وأسند إليهم القضاء والإفتاء ، واشتهرت تصانيفهم في الناس ودرّسوا درساً ظاهراً انتشر في أقطار الأرض ولم يزل ينتشر كلّ حين ، وأيّ مذهب كان أصحابه خاملين ولم يولّوا القضاء والإفتاء ولم يرغب فيهم الناس اندرس بعد حين » ، قد يقال : إنّ مالك أصابته محنة في زمن المنصور العباسي وضرب بالسياط ، فكيف تدّعون أنّ السياسة هي التي روّجت له ؟ فنقول : نعم حدثت لمالك محنة بسيطة من قبل جعفر بن سليمان والي المنصور على المدينة وذلك في سنة 147 ه‌ كما ذكر ابن الجوزي في المنتظم 9 : 162 ، ولكن أبو جعفر المنصور عاد واعتذر لمالك عندما جاء إلى الحجّ سنة 152 . قال الذهبي في السير 8 : 113 : ( قال أبو الوليد الباجي : روي أنّ المنصور حجّ وأقاد مالكاً من جعفر بن سليمان الذي كان ضربه ) . ويحدّثنا الذهبي في السير 8 : 61 عن العلاقة الوطيدة بين مالك والمنصور ، حيث إنّ مالكاً جاء إلى المنصور بعد أن ورد إلى الحجّ فيقول : قال لي ( يعني المنصور ) : أنت أعقل الناس وأعلم الناس . قلت : لا واللّه يا أمير المؤمنين . قال : بلى ولكنّك تكتم . ثمّ قال : واللّه لئن بقيت لأكتبن قولك كما تكتب المصاحف ، ولأبعثن به إلى الآفاق فلأحملنهم عليه ) . ويروي ابن قتيبة في كتابه الإمامة والسياسة 2 : 201 ما يوافق رواية الذهبي إلى حد ما ، وفيها بيّن تفصيل الملاقاة بين مالك وأبو جعفر المنصور ، فيقول مالك بعد أن استأذن على المنصور عندما ورد الحجّ : ( فمشيت حتى انتهيت إلى القبّة التي هو فيها ، فإذا هو قد نزل عن مجلسه الذي يكون فيه إلى البساط الذي دونه ، وإذا هو قد لبس ثياباً قصدة ، لا تشبه ثياب مثله تواضعاً لدخولي عليه . . فلمّا دنوت منه رحّب بي وقرّب ثمّ قال : ها هنا إليّ ، فأوميت للجلوس فقال : هاهنا فلم يزل يدنيني حتى أجلسني إليه ، ولصقت ركبتي بركبته ثمّ كان أوّل ما تكلّم به أن قال : واللّه الذي لا إله إلاّ هو يا أبا عبد اللّه ما أمرت بالذي كان ، ولا علمته قبل أن يكون ، ولا رضيته إذ بلغني ( يعني الضرب ) ، قال مالك : فحمدت اللّه تعالى على كلّ حال ، وصلّيت على الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثمّ نزّهته عن الأمر بذلك ، ثمّ قال : يا أبا عبد اللّه لا يزال أهل الحرمين بخير ما كنت بين أظهرهم وإني أخالك أماناً من عذاب اللّه وسطوته . . . وقد أمرت أن يؤتى بعدو اللّه من المدينة على قتب وأمرت بضيق مجلسه والمبالغة في امتهانه ، ولا بدّ أن أنزل به من العقوبة أضعاف ما نال منك . . ثمّ قال لي : يا أبا عبد اللّه ضع هذا العلم ودوّنه ، ودوّن منه كتباً ، وتجنّب شدائد عبد اللّه بن عمر . . لنحمل الناس إن شاء اللّه على علمك وكتبك ، ونبّثها في الأمصار ، ونعهد إليهم أن لا يخالفوها ، ولا يقضوا بسواها فقلت : أصلح اللّه الأمير ، إنّ أهل العراق لا يرضون علمنا ، ولا يرون في عملهم رأينا . قال أبو جعفر : يحملون عليه ، ونضرب عليه هاماتهم بالسيف ، ونقطع طي ظهورهم بالسياط . . ) . ونحو هذا ورد أيضاً في الديباج المذهب 1 : 25 . ومات أبو جعفر المنصور ولم يكمل مالك كتاب الموطأ بعد ، وتقرّب مالك إليهم فحقّقوا ما كان في عزم أبي جعفر المنصور ، فهذا الخليفة هارون الرشيد تتوطّد العلاقة بينه وبين الإمام مالك ، فيطلب من مالك أن يجعل الموطأ مرجعاً للناس وأن يعلّقه على أستار الكعبة . قال أبو نعيم في الحلية 6 : 362 ( 8944 ) : ( عن عبد اللّه بن عبد الحكم قال : سمعت مالك بن أنس يقول : شاورني هارون الرشيد في ثلاث ; أن يعلّق الموطأ في الكعبة ويحمل الناس على ما فيه . . . ) . وفي فيض القدير للمناوي 1 : 271 ، أنّ هارون الرشيد لما أراد الخروج إلى العراق طلب من مالك بن أنس أن يذهب معه وأن يحمل الناس على الموطأ . بعد هذا الذي ذكرناه حول مذهب مالك بن أنس وكيفيّة انتشاره يتّضح أنّ ما ذكره عثمان الخميس في كشف الجاني : 175 ما هو إلاّ إنكار للحقائق الواضحة ، وتكذيب للأُمور الثابتة . ويتّضح معاندة هذا الرجل وتكذيبه للحقائق جزافاً إذا رجعنا إلى كتابه كشف الجاني : 175 حيث اتّهم المؤلّف بالكذب ، ناقلا عن الذهبي في السير في ترجمة مالك حادثة ضرب والي المنصور لمالك بن أنس ، مع أنّ الذهبي وبعد صفحات من ذكره لتلك الحادثة يتعرّض لاعتذار الخليفة أبي جعفر المنصور لمالك عمّا صدر من واليه ، وهذا عين التدليس على الناس ، واقتطاع بعض النصّ الذي يوافق هواه والتمسّك به ، من دون نقل تمام النصّ .

150

نام کتاب : الشيعة هم أهل السنة نویسنده : الدكتور محمد التيجاني    جلد : 1  صفحه : 150
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست