* ( عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ) * ( 1 ) ، لأنّه لم يصبر على الجماع وقت الصيام ( 2 ) ، وبما أنّ الماء كان قليلا رأى عمر أنّه من الأسهل أن
1 - البقرة : 187 . 2 - ذكر عثمان الخميس في كتابه كشف الجاني : 174 اعتراضين على المؤلّف : الأوّل : إنّ عمر بن الخطّاب لم يأتِ أهله وقت الصيام وإنّما جاء أهله ليلا . الثاني : إنّ الآية نزلت في قيس بن صرمة وليست في عمر بن الخطّاب كما روى البخاري . وللجواب على هذا الكلام نقول : إن الآية واضحة الدلالة في تحريم الجماع والأكل والشرب في ليالي شهر رمضان إذا نام الصائم ، ولأجل ذلك سماه اللّه سبحانه وتعالى وقت الصيام . روى أحمد في المسند 3 : 460 ، والطبري في التفسير 2 : 223 ح 2407 ، والقرطبي في التفسير 2 : 314 ، وابن كثير في التفسير 1 : 226 وغيرهم : ( قال علي بن أبي طلحة عن ابن عبّاس قال : كان المسلمون في شهر رمضان إذا صلّوا العشاء حرم عليهم النساء والطعام إلى مثلها من القابلة ، ثمّ إنّ أناساً من المسلمين أصابوا من النساء والطعام في شهر رمضان بعد العشاء منهم عمر بن الخطّاب . . . ) . وأمّا جواب الاعتراض الثاني فنقول : إن عثمان الخميس يحاول حصر سبب النزول بقيس بن صرمة فقط ، معتمداً على رواية البخاري ، وهذا غير صحيح وذلك : أوّلا : أنّ البخاري نفسه قطع الرواية ولم يكملها وإلاّ فهي نفس الرواية التي وردت في مسند أحمد وذكر فيها اسم عمر بن الخطّاب ، كما نقلناها في جواب الاعتراض الأوّل . ثانياً : أنّ البخاري نفسه روى الحديث في كتاب التفسير وفيه : ( . . وكان رجال يخونون أنفسهم فأنزل اللّه . . . ) ، فصرّح بأن الآية نزلت في جماعة وليس في واحد فقط ، كما يحاول عثمان الخميس تصوير ذلك ، وبما أنّ الرواية الصحيحة صرّحت بأنّ عمر بن الخطّاب من أُولئك الجمع الخائنين فيكون مشمولا بالآية الكريمة . وثالثاً : إذا تنزلنا عن جميع ذلك فنقول : إنّ اثبات شيء لا ينفي غيره ، فرواية البخاري بأنّ الآية نزلت في قيس بن صرّمة لا تعارض رواية مسند أحمد وغيره من أنّ عمر بن الخطّاب ممّن شملته الآية الكريمة ; لأنّ البخاري نقل فقط اسماً واحداً ، وهذا لا يعني أنّه لا يوجد هناك أسماء مشمولة للآية . ولأجل توضيح عدم وجود التنافي قال الشيخ مقبل الوادعي في كتابه الصحيح المسند من أسباب النزول : 32 بعد أن ذكر حديث البخاري الأوّل : ( الحديث أعاده البخاري في كتاب التفسير مع تغيير في بعض السند . . ولفظ متنه : لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كلّه ; وكان رجال يخونون أنفسهم ، فأنزل اللّه تعالى : * ( عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ . . ) * ، وظاهرها التغاير ، لكن لا مانع من أن تكون نزلت في هؤلاء وهؤلاء ، ورواه أبو داود 2 : 265 والنسائي 4 : 121 وقد جمع حديثي البخاري فعلمنا أن القضيتين كانتا سبب النزول ) .