responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الشيعة هم أهل السنة نویسنده : الدكتور محمد التيجاني    جلد : 1  صفحه : 105


وكقوله لأبي ذرّ بأنّه سيموت وحيداً طريداً ، إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة ، ومنها حديثه المشهور الذي أخرجه البخاري ومسلم وكلّ المحدّثين والذي جاء فيه : « الأئمة من بعدي اثنا عشر كلّهم من قريش » ( 1 )


1 - بهذا اللفظ في كفاية الأثر للخزاز القمي : 27 ، ورد بألفاظ مختلفة في كلّ من : صحيح البخاري 8 : 127 ( كتاب الأحكام ، باب بيعة النساء ) ، صحيح مسلم 6 : 3 ( كتاب الامارة ، باب الناس تبع لقريش ) ، سنن أبي داود 2 : 309 ح 4280 ، سنن الترمذي 3 : 340 ، المستدرك 3 : 618 ، وغيرها . ولا يخفى أنّ الحديث لا يدلّ على لزوم تصدّي هؤلاء الاثني عشر للحكم الظاهري ، فلا يقدح فيه عدم جريان أحكام بعض الأئمة ( عليهم السلام ) في الظاهر ، ولهذا قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مشيراً إلى الحسنين : « ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا » ، فالحديث يدلّ على أنّ أمر الناس سيكون ماضياً والإسلام سيكون عزيزاً إذا وليهم اثنا عشر خليفة ، فما دام لم يليهم هؤلاء لم يكونوا أعزّاء بل أصيبوا طيلة حياتهم ومنذ وفاة الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى يومنا هذا بأنواع الفتن والمحن ، وهذا نظير قوله تعالى : ( وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لا سقَينَاهُم مَّاء غَدَقاً ) فبما أنّهم لم يستقيموا لم يسقوا ، وبما أنّ المسلمين لم يتمسّكوا بهؤلاء الاثني عشر لم يكونوا أعزّاء . ثمّ إنّ هذا الحديث من المعاجز النبويّة ومن الأُمور الغيبية التي أخبر بها نبي الرحمة ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وقد أثبتها الرواة ورووها قبل اكتمال عدد الأئمة ( عليهم السلام ) فلا يحتمل فيها الوضع من قبل الشيعة ، ولا يقدح في تمسّكنا به افتراق بعض الشيعة ، فإنّ الضلال له أسباب ودوافع مختلفة منها المعاندة ، قال تعالى : ( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ) ، فافتراق بعض الشيعة وانحرافهم عن الصراط المستقيم لا يدلّ على عدم صحة تمسّكنا بهذا الحديث . ثمّ إنّه لا يقال : « إنّ النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أبلغ الناس ولا يذكر الأعم وهو قوله : كلّهم من قريش ، ويريد الأخص وهو عليّ وأولاده ، فهذا خلاف البلاغة » . لأنّنا نقول : أولا : ذكر العام وإرادة الخاص يكون قبيحاً فيما إذا لم تكن هناك قرائن متصلة أو منفصلة تعيّن المراد . وهذه القرائن بحمد الله موجودة سواء كانت متصلة أو منفصلة ، أما القرائن المتصلة فيدلّ على وجودها النظر في متن الحديث وما وقع والغوغاء بعد تكلّم الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بحيث لم يسمع الراوي تمام الحديث ، ولذا اضطرّ بالسؤال عن أبيه أو عمّه أو غيرهما - كما ورد في الأحاديث - فقد جاء في مسند أحمد 5 : 93 « ثمّ تكلم بكلمة لم أفهمها وضجّ الناس » وفي لفظ الطبراني 2 : 196 « ثمّ لغط الناس وتكلّموا فلم أفهم قوله بعد كلّهم » وفي المعجم أيضاً 2 : 249 « ثمّ تكلّم بشيء لم أسمعه فزعم القوم أنّه قال : كلّهم من قريش » فهذه النصوص وغيرها ممّا تدلّ على وجود قرائن في الكلام حاول البعض إخفائها كما فعلوا فيما بعد عند مرضه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من لغطهم واختلافهم . وفي لفظ كفاية الأثر للخزاز القمي ص 106 هكذا جاء : « الأئمة بعدي اثنا عشر كلّهم من قريش ، تسعة من صلب الحسين والمهدي منهم » وهذا هو المعوّل عندنا . وأمّا القرائن المنفصلة فهي كثيرة ، منها حديث الثقلين ، ومنها ما ورد عن عليّ ( عليه السلام ) كما في النهج الخطبة 142 حيث قال : « إنّ الأئمة من قريش في هذا البطن من هاشم لا تصلح على سواهم ولا يصلح الولاة من غيرهم » . أمّا ثانياً : لو فرضنا أنّ القرائن اللفظية انعدمت لكنّ العقل هو الحاكم هنا ، وهو الذي يخصّص هذا العموم . قال الآمدي في الإحكام 2 : 339 : « مذهب الجمهور من العلماء جواز تخصيص العموم بالدليل العقلي . . . ودليل ذلك قوله تعالى : ( اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيء ) متناول بعموم لفظه لغة كلّ شيء مع أنّ ذاته وصفاته أشياء حقيقة وليس خالقاً لها . . . وكذلك قوله : ( وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ . . . ) فإنّ الصبي والمجنون من الناس حقيقة ، وهما غير مرادين من العموم ، بدلالة نظر العقل على امتناع تكليف من لا يفهم » . فما نحن فيه من هذا القبيل ، أي نتصرّف عن عموم اللفظ في الحديث بدلالة نظر العقل على امتناع تولّي من لا أهلية له بهذا المنصب ; لأنّ الإمامة تلو النبوة واستمرار لها ولا ينالها إلاّ من كان بمرتبة النبيّ وبمنزلته علماً وورعاً وشجاعة وغيرها من الصفات ، فيخرج من العموم بضرورة العقل كلّ من لم يكن بمنزلة النبيّ في جميع صفاته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سوى نزول الوحي ، وإن كان قرشياً ، فلا بدّ من أن يحمل هذا الحديث على الأئمة الاثني عشر من عترته ; لأنّهم كانوا أعلم أهل زمانهم وأجلّهم وأورعهم وأتقاهم وأعلاهم نسباً وأفضلهم حسباً وأكرمهم عند الله ، وكان علمهم متصلا برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالوراثة واللّدنية . ومن القرائن التي تشهد على أنّ المراد بالحديث هم أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) هو : إنّ الحديث صرّح بأنّ الدين عزيزاً ومنيعاً وأمر الناس قائماً ما وليهم هذا العدد ، وإذا رجعنا إلى خلفاء أهل السنّة نجدهم في اضطراب كامل في التوفيق بين متن الحديث ، وبين الواقع الخارجي ، حيث إنّ هناك أكثر من اثني عشر خليفة أوّلا ، وأنّ هؤلاء الخلفاء لم يكونوا عدولا وذلّ الدين في زمن بعضهم ، فلأجل ذلك اضطربوا في كيفية التوفيق بين متن الحديث وما جرى في الواقع الخارجي من تولي الخلافة الإسلامية من لا ينطبق عليه شيء من مواصفات الحديث ، قال ابن العربي في شرح سنن الترمذي : ( فعددنا بعد رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اثني عشر أميراً فوجدنا : أبا بكر وعمر ، وعثمان ، وعلياً ، والحسن ، ومعاوية ، يزيد ، معاوية بن يزيد ، مروان ، عبد الملك بن مروان ، الوليد ، سليمان ، عمر بن عبد العزيز ، يزيد بن عبد الملك ، مروان بن محمّد بن مروان ، السفاح ، فعد سبعاً وعشرين إلى عصره - ثمّ قال - : وإذا عددنا منهم اثني عشر انتهى العدد بالصورة إلى سليمان ، وإذا عددناهم بالمعنى كان معنا منهم خمسة : الخلفاء الأربعة وعمر بن العزيز ، ولم أعلم للحديث معنىً ) 9 : 68 . وقال جلال الدين السيوطي : ( وقد وجد من الاثني عشر : الخلفاء الأربعة ، والحسن ، ومعاوية ، وابن الزبير وعمر بن عبد العزيز ، هؤلاء ثمانية ، ويحتمل أن يضم إليهم المهتدي من العباسيين . . وبقي المنتظران أحدهما المهدي ، لأنه من آل بيت محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ) . تاريخ الخلفاء : 12 . وقال ابن حجر في فتح الباري 13 : 182 : « قال ابن بطال عن الملهب : لم ألق أحداً يقطع في هذا الحديث يعني بشيء معيّن ; فقوم قالوا : يكونون بتوالي امارتهم ، وقوم قالوا : يكونون في زمن واحد كلّهم يدّعي الإمارة ، قال : والذي يغلب على الظنّ أنّه عليه الصلاة والسلام أخبر بأعاجيب تكون بعده من الفتن حتى يفترق الناس في وقت واحد . . أنّه أراد أنّهم يكونون في زمن واحد ) . ثمّ قال في 13 : 184 : ( وقيل : إنّ المراد وجود اثني عشر خليفة في جميع مدّة الإسلام إلى يوم القيامة يعملون بالحقّ وإن تتوالى أيامهم . . . ) . فالملاحظ من الكلام في تفسير معنى الحديث الاضطراب والتفاوت الشاسع بين التمحلات والتأويلات المذكورة ، نتيجة المفارقة الكبيرة بين متن الحديث المتضمن لعزة الدين ومنعته وقوته في زمن هؤلاء الخلفاء ، وبين ما وقع خارجاً حيث كان المستولي على الخلافة الإسلامية في أغلب الأحيان متهتك بالدين ، ومذل للمؤمنين وللنفس المحترمة وغيرها كمعاوية ويزيد ومروان الذي بوجودهم وقع الدين في ذلّة ، والمسلمين في تقهقر عقدي وشرعي فكيف يكون من هذا حاله مصداقاً للحديث « الأئمة الاثني عشر » ؟ ! ! ومن هذا التوضيح المقتضب يتضح أنّ ما ذكره عثمان الخميس في كتاب كشف الجاني : 197 ناشئ من النصب الذي يحمله على أهل البيت ( عليهم السلام ) ، والنفس الأموية المشربة بدماء آل محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .

105

نام کتاب : الشيعة هم أهل السنة نویسنده : الدكتور محمد التيجاني    جلد : 1  صفحه : 105
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست