كانت تدرّ عليه أرباحاً هائلة ، وكذلك حُرم من ميراث ابن عمّه والذي هو حقّ من حقوق زوجته ، وقُطع عنه سهم الخمس ، فأصبح علي وزوجته وأولاده في حاجة لمن يسدّ رمقهم ويكسو أجسامهم ، وهو بالضبط ما عبّر عنه أبو بكر عندما قال للزهراء : « نعم ، أنتِ لك الحقّ في الخمس ، ولكنّي سوف أعمل فيه عمل رسول الله ، فلا أتركك تجوعين ولا تعرين » . وكما قدّمنا فإنّ الصحابة الذين تشيّعوا لعلي أغلبهم من الموالي الذين لا ثراء لهم ، فلا يخشى الحزب الحاكم منهم ولا من تأثيرهم ، فالنّاس يميلون للغني ويحتقرون الفقير . ثانياً : عزل المعارضة وشلّها اجتماعيّاً : ولأجل إسقاط الصفّ المعارض الذي يتزعّمه علي بن أبي طالب ، فقد عمل الحزبُ الحاكم أيضاً على عزله اجتماعيّاً . وأوّل شيء فعله أبو بكر وعمر هو تحطيم الحاجز النفسي والعاطفي الذي يحمل المسلمين كافّة على احترام وتقدير قرابة الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . وإذا كان علي هو ابن عمّ النبيّ وسيّد العترة الطّاهرة ، قد وُجدَ له مُبغضُون ضمن الصحابة الذين كانوا يحسدونه على ما آتاه الله من فضله ، فضلا عن المنافقين الذين كانوا يتربّصون به ; فإنّ فاطمة هي وحيدة النبيّ التي بقيتْ بعده في أُمّته ، وهي أمّ أبيها كما كان يسمّيها الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وسيّدة نساء العالمين ، فكلّ المسلمين يحترمونها ويعظّمونها للمكانة التي حظيتْ بها عند أبيها ، وللأحاديث التي قالها في فضائلها وشرفها وطهارتها . ولكنّ أبا بكر وعمر عمدا إلى إسقاط هذا الاحترام والتقدير من نفوس الناس ، فجاء عمر بن الخطّاب إلى بيت الزهراء وفي يده قبس من نار ،