نام کتاب : السيف والسياسة نویسنده : صالح الورداني جلد : 1 صفحه : 93
ولم يكتفي عثمان بهذا بل أصدر قرارا بمنع ابن مسعود من الخروج من المدينة فبقي فيها حتى مرض مرضه الذي توفي فيه [11] . عثمان وعلي كان تعايش الإمام علي مع أبي بكر وعمر تعايش المحافظ والمدافع . فقد كانت الضغوط الموجهة إليه تتركز على دوره كممثل شرعي للأمة وكقائد لتيار آل البيت الذي يضم الكثير من كبار الصحابة . وقد تنازل الإمام عن هذا الدور حفاظا على وحدة الأمة . لكنه لم يتنازل عن المبدأ الذي ورثه عن الرسول صلى الله عليه وسلم . أي أن الإمام تنازل عن السلطة ولم يتنازل عن الفكرة . تنازل عن الحكم ولم يتنازل عن الدعوة . فهو قد أفسح الطريق للخط القبلي ليحكم لكنه لم يفسح له الطريق ليعبث بالإسلام . ويبدو أن الخليفتين أبو بكر وعمر لم يكونا من المتحرشين بهذا الجانب . جانب الإسلام فقد احترم كل منهما قدرات الإمام العلمية وأقرا بتفوقه عليهما . وهذا لا يعني أن صورة الإسلام كانت سوية ومستقيمة بشكل كامل في عهد الخليفتين وإنما كان هناك انحراف . لكنه لم يكن كبيرا بالقدر الذي يستفز الإمام ويدفعه إلى الصدام به . وما كان يقلق الإمام هو ما سوف يترتب على هذا الانحراف في المستقبل . وعندما جاء عثمان برز الانحراف بصورة تجاوزت الحدود التي وقف عندها الشيخان وتعدى حدود الحكم ليصل إلى الإسلام . وهنا تغير موقف الإمام وشيعته وانتقل بهم من المقاومة السلبية إلى المقاومة الإيجابية . وتصدى لعثمان وبني أمية الذين رفعوا رايتهم لأول مرة بعد سقوطهم على أيدي الرسول حين فتح مكة . لقد كان ظهور بني أمية في عهد عثمان بداية لتحول الأمة إلى طريق الجاهلية وبداية لظهور إسلام آخر مناقض لإسلام آل البيت ومعاد له ومعلنا هذا العداء .