نام کتاب : السيف والسياسة نویسنده : صالح الورداني جلد : 1 صفحه : 73
إن الشورى لا تثمر إلا شورى والاستبداد لا يثمر إلا استبدادا . . ولأن ما جرى في السقيفة لم يكن له صلة بالشورى كان من الطبيعي أن تكون ثمرته مناقضة للشورى . . وهكذا جاء عمر . فلتة من فلتة . مهد لصاحبه ثم تلقفها منه بوصية من شيخ يحتضر دون حساب لرأي الأمة . . تقول وصية أبي بكر : هذا ما عهد به أبو بكر بن أبي قحافة . آخر عهده في الدنيا نازحا وأول عهده داخلا بالآخرة . إني استخلفت عليكم عمر بن الخطاب فإن تروه عدل فيكم فذلك ظني به . ورجائي فيه . وإن بدل وغير فالخير أردت . ولا أعلم الغيب . ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) . . [1] لقد كان على أبي بكر أن يقوم برد الجميل الذي أسداه إليه عمر بتوصيله للحكم فقام هو بدوره ليوصله إلى الحكم وسن لأول مرة في تاريخ الإسلام نظام توريث الحكم . ذلك النظام الذي استند عليه فقهاء التبرير فيما بعد في تبرير استيلاء بن أمية وبني العباس على السلطة في بلاد المسلمين . كما كانت هذه السنة هي الدفعة الأولى للخط الأموي الذي بدأت ملامحه تبرز في عهد عمر . . ولما كان موقف أبو بكر هذا لا سند له من شرع أو شورى فقد أثار المسلمين في المدينة وتصدى له الكثير من الصحابة بين منكرين له ورافضين . . وأول الرافضين كان الأنصار . . وثانيهم آل البيت بزعامة الإمام علي . . وثالثهم طلحة ومن شايعه الذي هرول نحو أبي بكر منكرا قائلا : ماذا تقول لربك وقد وليت علينا فظا غليظا تفرق منه النفوس وتنفض منه القلوب . . [2] ومن هنا يتبين لنا أن عمر لم يكن مرغوبا فيه وأن هذا الرفض لشخصه كانت له مبرراته الناتجة من سلوك عمر ومواقفه الاستفزازية طوال فترة حكم أبو بكر . .
[1] أنظر تاريخ الطبري ج 3 وطبقات ابن سعد ج 3 / 199 والإمامة والسياسة وكتب التاريخ . [2] أنظر طبقات ابن سعد ج 3 / 199 والطبري ج 3 .
73
نام کتاب : السيف والسياسة نویسنده : صالح الورداني جلد : 1 صفحه : 73