من أصحابه فقالت فرقة منهم : نقتلهم ، وقالت فرقة : لا نقتلهم ، نزلت الآية الكريمة : " فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا " . وحكم كل من عمار وبن مسعود بالكفر على عثمان وثاروا ضده مع جمع من الصحابة " وقالت عائشة اقتلوا نعثلا - تعني عثمان - فقد كفر [78] " . وفي ذلك قال لها ابن أم كلاب : وأنت أمرت بقتل الإمام * وقلت لنا أنه قد كفر [79] ويوم السقيفة عندما قال أناس : اتقوا سعدا ، لا تطؤوه : قال عمر : اقتلوه ، قتله الله . وإذا تبين أن الصحابة لم يكونوا يفهمون الصحبة بذاك المعنى الذي اصطلح عليه أهل الحديث المتأخرين . أدركنا إذ ذاك أنهم رجال كباقي الرجال مرهونون هم أيضا بذنوبهم ، ومطالبون بالعمل الصالح ، وموعودون بنار جهنم . فإذا كان هذا هو موقف الصحابي من أخيه الصحابي ، ترى أي موقف كان للرسول ( ص ) منهم ؟ . كان رسول الله ( ص ) يسكت عمن حوله ، ويسمي كل من حوله صاحب . وكان ذلك تساهلا منه وتأدبا . وكانت كلمة صحابي تقال في مواقع مختلفة . فتارة يذكرها في السفر وأخرى في الحضر ، مرة يعني بها من صاحبه في الطريق . وأحيانا يقولها عمن صاحبه في قضيته . وأخرى لمن أحاط به وسمع كلامه . ولهذا سمى الذين هموا بقتله ب " أصحابي " ، يوم تبوك كما تقدم . إن كلمة صحابي في عهد رسول الله ( ص ) كانت تأخذ طابعا أدبيا يشترك فيها البر والفاجر ، المؤمن والمنافق . ولم تكن العدالة منحة رخيصة عند الصحابي في عهد رسول الله ( ص ) بل هي أمر له صلة بعمل الإنسان ، لذا قال لهم مرة : " ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان بطانة تأمره بالمعروف وتحثه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه فالمعصوم من عصمه الله ( 80 ) " .