بدأ هذا المفهوم يتبلور في صور اصطلاحية في عصر التدوين ، وفي ضوء علم الحديث الذي بدأت قضية الجرح والتعديل فيه تقف عند رواة الأخبار . وهو عصر متأخر عن جيل الصحابة . وكانت له دوافع معينة اقتضتها عمليات الجرح والتعديل . وهي تنزيه الصحابة عن كل تجريح والأخذ بعد التهم مطلقا . وسبق الأخذ بعدالتهم ، كلام عن تعريفهم ، بشكل يبرر مذهب المحدثين ، ويضفي عليهم مسحة اصطلاحية معينة . فالصحبة كمصطلح شرعي هو من وضع المتأخرين من رجال الحديث . كما أن مفهوم الصحبة يختلف معه مبنى النصوص القرآنية والأحاديث النبوية وسيرة الصحابة ، ومبنى المحدثين المتأخرين . ولتوضيح ذلك ، نرى من الأجدر التطرق إلى مفهوم الصحابي من هذه الزوايا المتفرقة . تعريف الصحابي وعدالته عند المتأخرين ، والرد عليهم عرف المتأخرون الصحابي تعريفا مناقضا لروح الشريعة الإسلامية ، ومنافيا للبناء العقلائي . فهم من جهة اعتبروا الصحابي هو كل من رأى الرسول ( ص ) ، سواء أكان كبيرا أم طفلا صغيرا . بل حتى من لم يره من العمي لتعذر الرؤية عليهم . بل ويعد صحابيا من رآه الرسول ( ص ) ولو عن بعد ، سواء جالسه أم لم يجالسه ، غزا معه أو لم يغز . وعلى ذلك استقر رأي الجمهور . يقول في ذلك بن حجر في الإصابة في تمييز الصحابة : " الصحابي من لقي النبي ( ص ) مؤمنا به ، ومات على الإسلام فيدخل في من لقيه من طالت مجالسته له أو قصرت ، ومن روى عنه أو لم يرو ، ومن غزا معه أو لم يغز . ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه ، ومن لم يره لعارض كالعمى " . ويتبين من خلال هذا التعريف ، انحراف بالمفهوم من إطاره اللغوي الظاهر إلى دائرة الاصطلاح ، وهذا ما جعل بن حجر العسقلاني يقول : " إن اسم صحبة النبي ( ص ) مستحق لمن صحبه أقل ما يطلق على اسم صحبة لغة وإن كان العرف يخص ذلك ببعض الملازمة " . وطبيعي ، إن هذا التحديد يخالفه العقلاء من حيث كونه متجاوزا للغة