نهضة حقيقية تبدأ من الأسس ، إلى ثورة تراثية ، ثمينة بإعادة تشكيل منظوماتنا الثقافية . كمقدمة لإحداث نهضة سليمة في حاضرنا ، ذلك أن علاقة شعوبنا الإسلامية بتراثها علاقة متينة ، وحياتها كلها تتلون بذاك اللون التراثي ، مهما ظهر من تنكر ومهما بدا من شرود ، فخطوط العودة إلى التراث لما تنقطع بعد ، ومن هنا تكمن ضرورة إعادة النظر في تراثنا الذي يشكل ذاكرتنا الجماعية . لقد كان وما يزال أغلب المؤرخين والناقدين للتراث ، يسبحون في بحر التكرار ، ويبنون إبداعاتهم النقدية على عناصر وهمية ، ومعطيات جاءت بها رغبة الخلفاء وطمع المؤرخين ، وإذا ما انتبهنا إلى الماضي والتفتنا إلى مجريات أحداثه ، سوف يتبين لنا الأمر على درجة كاملة من الوضوح ، فالسياق التاريخي الذي ظهر فيه التدوين والتأريخ ، هو نهاية العصر الأموي والعصر العباسي ، وهو سياق ، شهد نموا خطيرا ومنظما لتيارات مختلفة الاتجاه وشهد - أيضا - صراعا سياسيا حادا تفتق عن صراعات ايديولوجية . . ولما كانت السلطة طرفا في هذا الصراع . . كان من الطبيعي أن تستثمر إمكانياتها وموقعها كسلطة صاحبة القرار في سبيل تدمير الأطراف الأخرى ، وتشكيل ايديولوجية الدولة . وكان الدين دائما هو الضحية الأساس ، لأن تشكيل الايديولوجية هذه لا يستقيم إلا بإجراء سلسلة من التحريفات ليكتمل التناغم والانسجام بين الاثنين . وعلى هذا الضوء . . يمكننا القول . . أن الأمة الإسلامية خضعت - على مستوى السلطة - إلى توجيه ديانات إسلامية ، أو صور مختلفة ومتناقضة للإسلام . . وقد أدرك الإمام علي ( ع ) هذه الوضعية الخطيرة عندما قال : " ولبس الإسلام لبس الفرو مقلوبا " . كان هذا الزوج ( السلطة / الدين ) ترجمة ظاهرة لواقع مبطن للزوج ( سلطة / لا دين ) إذ القضاء على الدين يومها لا يمكن أن يتم بهوى سلطان ، وإنما كان يقتضي إجراءات تكتيكية . . تبدأ بسلب محتواه ثم الانتهاء بإزاحته ليعود الأمر إلى حالة السلطة المنفردة التي تقوم على الهوى . ولا أحد يجهل ما كان عليه واقع جل مؤرخينا . فإما منحازين ومنتمين ، وإما