عثمان بن عفان عندما يكون الحديث عن عثمان والفتن التي أحدثها بسياسته العشائرية ، نلمح عند المؤرخين أسلوبا يكاد يكون موحدا ، في قلب الحقائق بعد ثبوتها وتضبيبها بعد جلاءها ، وهكذا يكون عثمان رجلا زاهدا ، وتقيا ، تصوره ريشة المؤرخ الفنان على لوحة التحريف ، كصحابي جليل استشهد وهو يقرأ القرآن وفي المقابل ، تكون الأمة التي قتلته كلها فاسقة ، وكلها مارقة ، حتى لو كان كبار الصحابة شاركوا في قتله . وحتى لو أن الأمة أجمعت على انحرافه عن السنة التي ضيعها والقرآن الذي أحرقه ، ولم يلتزم به ، بل إن أعظمهم أوردوا صورا ومشاهدا تفصيلية عن حادثة القتل لعثمان ، يظهرون فيها الطبيعة الهمجية لمقتل عثمان ، وقساوة الثوار . وليس يعنيني هنا الاكثار من ذكر ما قيل عن عثمان ، وما يمكن أن يقال في مقابل ذلك غير أني أحب التركيز هنا على إحدى المسائل الأساسية التي تميز بها عثمان ، حسب ما جاء في السيرة ، فكما أنهم خلقوا أحاديث عن حياء عثمان ، ليغطوا بها ابتذال أسلوبه مع كل من الإمام علي . . . وعمار . . ( رض ) وابن مسعود ( رض ) وأبي ذر الغفاري ( رض ) . وأبدعوا ذلك المشهد الذي رؤي فيه عثمان مستشهدا وبين يديه كتاب الله ليغطوا على جريمته في تتبع القراء ، وحرق المصاحف ، وعدم تنفيذ أحكامه . فإنهم اختلقوا أكذوبة السخاء الذي صدر منه إبان العهد الأول للإسلام