" وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر " [2] . وكان مما قاله الرسول ( ص ) داعيا به ربه في تلك المعارك : " اللهم إن تهلك هذه العصابة ، لن تعبد في الأرض " [3] . فهذه الحروب التي قادها المشركون بقيادة بني أمية . لم تكن حروبا سهلة . بل إنها كلفت المسلمين خسائر كثيرة في الأموال والأرواح . وكان الوحي يعايش هذه المحنة عن كثب . وكثيرا ما لعن وواعد بالنار مشركي قريش . ونزلت آيات كثيرة تبشرهم بعذاب أليم . وكما كان لمعسكر الشرك رموزه وقياداته ، فإن المعسكر الإسلامي تمثلت رموزه وقياداته في بني هاشم وعلى رأسهم الرسول ( ص ) وعلي ( ع ) . تكرست تلك العداوة بين الفريقين بين أبي سفيان ووزراءه من دهاقنة الشرك ، ونبي الله محمد ( ص ) ووزيره علي ( ع ) عداوة أشد ما تكون العداوة . وكان الفتح بمثابة منعطف مهم في حياة الجماعة المسلمة . فالإسلام سوف يتحول من مستوى العصابة والجماعة الثائرة ، إلى مستوى الدولة . والشرك سوف يتحول إلى عكس ذلك ، من تجمع مركزي إلى حالة ضعيفة وفاشلة . وهذا التحول الكبير في تجربة المسلمين كان له أثران : أحدهما إيجابي تجلى في قوة الإسلام وشمول حاكميته . والثاني نتج عن دخول تلك الاخلاط في الإسلام بمن فيهم الطلقاء الذين عفا عنهم الرسول ( ص ) بعد أن أمر بقتلهم ولو تعلقوا بأستار الكعبة . إن الهزيمة العسكرية للشرك ليست كافية لتحسين إيمانهم ، لقد انهزموا بعد أن نفذت كل حيلهم ومكايدهم لتحطيم الإسلام . وبعد أن نصبوا كل ما يملكون من حواجز ، وأفرغوا كل ما في كنانتهم حتى الأهزع . لقد دخل المشركون مرحلة جديدة من العمل وسلكوا استراتيجية الهدم من .
[2] 10 / الأحزاب . [3] سيرة ابن هشام . في معركة بدر ، ص 269 ج 2 ط 2 دار الكتاب العربي