وفي الروايات التي ذكرها المؤرخون ، هناك محاولة أبداها عمر للكلام ، فأسكته أبو بكر . ثم لم يعد بعدها إلا ليجالد الآراء ويشوشر على الحضور . ففي رواية الطبري : تكلم أبو بكر - بعد أن منع عمر عن الكلام - وحمد الله وأثنى عليه [50] " . ولم يتحدث بعدها عمر حتى قال فقال عمر : " هيهات ! لا يجتمع اثنان في قرن - يقصد الحباب بن المنذر - والله لا ترضى العرب أن يؤمروكم ونبيها من غيركم ، ولكن العرب لا تمتنع أن تولي أمرها من كانت النبوة فيهم ، وولي أمورهم منهم ، ولنا بذلك على من أبى الحجة الظاهرة والسلطان المبين ، من ذا ينازعنا سلطان محمد وإمارته ونحن أولياؤه وعشيرته . إلا مدل بباطل أو متجانف لإثم أو متورط في هلكة " [51] . ثم لما تكلم الحباب بن المنذر وأغلظ في القول أجابه عمر : قال عمر : " إذن يقتلك الله [52] " . وفي نص ابن قتيبة [53] " قال عمر : خشيت أن يقصر أبو بكر عن بعض الكلام ، فلما تيسر عمر للكلام ، تجهز أبو بكر وقال له : على رسلك : فاستكفى الكلام ، فتشهد أبو بكر " . لقد خالف ابن خلدون ما اشتهر عند المؤرخين في خبر السقيفة . وانتقى من الشاذ ما يجعل به لعمر موقفا احتجاجيا ، عندما رد على المنذر . فهو لم يرد عليه إلا بالقتل حين قال له : إذن يقتلك الله ؟ . فمن أين ورد على ابن خلدون ، إنه رد عليه بذلك المنطق السابق . والحقيقة أن ذلك لم يحدث قط في السقيفة . وما كان ذلك إلا من كلام علي
[50] تاريخ الطبري . [51] نفس المصدر . [52] نفس المصدر . [53] الإمامة والسياسة - ابن قتيبة .