ثم سألوه عن مغسله . وكان أولى بمؤرخ المغرب أن يقول ثم سأله أبو بكر ، بل في انتقاله من كلام أبي بكر إلى صيغة الجمع دليل على غياب أبي بكر . فأهل السنة ردوا على أن يفردوا ابن أبي قحافة وعمر بن الخطاب في كل مقام إذا كانت له مشاركة فيه . ومرد أهل السنة أن يتكلموا بصيغة الجمع في المواقع التي يحضرها أبو بكر وعمر إذا لم يكن هناك حضور مشرف لهما . كان يتكلموا بصيغة الجمع في فراري أحد . وفي من تقول في إمارة أسامة . والحقيقة كما أثبتناها سابقا إن أبا بكر لم يطل مكثه مع الرسول ( ص ) بل راح إلى السنح [18] ولم يعد إلا بعد موت النبي ( ص ) ثم لم يلبث أن لحق بالأنصار إلى السقيفة برفقة عمرو أبو عبيدة وإنهم لم يحضروا دفن النبي ( ص ) . وفي هذا الفضل ، تطرق ابن خلدون إلى حادثة يوم الخميس ، ولم يطل المكث عندها . لما تمثله من خطورة على مبناه المذهبي . قال : " وسألوه عمن يدخله القبر فقال : أهلي . ثم قال : إئتوني بدواة وقرطاس ، أكتب لكم كتابا لا تضلون بعده فتنازعوا وقال بعضهم إنه يهجر ، وقال بعضهم أهجر ؟ يستفهم ، ثم ذهبوا يعيدون عليه ، ثم قال : دعوني فما أنا فيه خير مما تدعونني إليه . لقد مر بن خلدون مر الكرام على هذه الحادثة ولا هو بمن يجهل قيمتها في فضح سريرة الباطل ولا هو بمن يستصغر قدرها على أولي الألباب . إنه يعرف رواة ذلك الخبر . وهو من قراء البخاري والطبري إذ قال عنه : " هذا أمر الجمل ملخص من كتاب أبي جعفر الطبري اعتمدناه للوثوق به لسلامته من الأهواء الموجودة في كتب ابن قتيبة [19] " .
[18] تاريخ الكامل لابن الأثير . [19] تاريخ ابن خلدون ص 495 ج 2 .